إسلاميات

إزالة شعر الوجه بـ”الفتلة” للرجال دار الإفتاء تفاجئ الجميـ

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي سؤالاً فقهياً دقيقاً يتعلق بآداب الزينة للرجال، حيث ورد إلى دار الإفتاء المصرية خلال بث مباشر أجرته اليوم الثلاثاء سؤال نصه: “هل يجوز نتف شعر الوجه أثناء حلاقة الرأس؟”.

وقد أجاب على هذا السؤال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، بشكل واضح وحاسم في إجابة مقتضبة مفادها: “تقصد عمل الوجه بالفتلة حرام للرجال”. هذه الإجابة المباشرة سلطت الضوء على مسألة قد يشيع الخلط فيها، مؤكدة على حكم شرعي ثابت في هذا الشأن.

الفتلة للرجال: بين النهي عن النمص واختلاف الفقهاء

لتوضيح الصورة الكاملة، يمكن الرجوع إلى فتوى سابقة ومفصلة للدار عبر موقعها الإلكتروني، أجاب عنها الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق. حيث أوضحت الدار أن حكم حلق اللحية نفسه من “الأمور المختلف فيها بين الفقهاء”.

فبينما يرى جمهور العلماء أن حلقها حرام، يرى الشافعية أن حلقها مكروه كراهة تنزيه، باعتبار أن الأمر بإعفائها من الأمور المتعلقة بالهيئة والعادات التي تحمل على الندب.

أما بالنسبة لـ “أخذ الوجه بالفتلة” (وهو نتف الشعر)، فقد أوضحت الدار أن العلماء أيضاً مختلفون في حكمه. يتمحور الخلاف حول ما إذا كان النهي عن “النمص” المذكور في الحديث الشريف يشمل كل شعر الوجه أم يقتصر على الحاجبين فقط:

  • رأي الجمهور: يرى أن النهي يشمل نتف أي شعر من الوجه، وهو الرأي الذي ترجحه دار الإفتاء وتميل إليه.

  • رأي المالكية (في المعتمد): يرى جواز نتف شعر الوجه ما عدا الحاجبين، ولا حرج في ذلك.

تطبيق القواعد الفقهية: مراعاة الخلاف ورفع الحرج

في معرض ردها على سؤال شاب يعمل حلاقاً ويعول أسرته، واجهه إلحاح من الزبائن على هذه الخدمة، طبقت دار الإفتاء عدداً من القواعد الفقهية الأساسية لتيسير الأمر ورفع الحرج:

  1. قاعدة “لا إنكار في مسائل الخلاف”: حيث لا ينكر على الشخص فعل شيء إذا كان هناك خلاف معتبر بين العلماء في حله أو تحريمه، خاصة إذا لم يكن الأمر محرماً بإجماع.

  2. قاعدة “التخريج من الخلاف مستحب”: حيث يُستحب للمسلم أن يختار الرأي الأيسر والأرفق به إذا كان منضبطاً بضوابط الشرع.

  3. قاعدة التيسير على المكلف: خاصة لمن كان في حالة ضرورة أو حاجة ملحة، كالحلاق الذي لا يجد مصدر رزق آخر يعول منه أسرته.

الخلاصة والتوجيه النهائي: الإباحة مع النصيحة

بناءً على هذه القواعد، ختمت دار الإفتاء فتواها بموقف متوازن يجمع بين الإباحة الشرعية والتوجيه الأخلاقي:

  • من جهة الإباحة: قالت الدار: “فلا حرج عليك في حلاقتك اللحية أو أخذ الوجه بالفتلة لمن طلب منك ذلك ما دمت تقلد من أجاز ذلك من العلماء، خاصة أنه لا عمل لك غير هذه الصنعة، وحينئذٍ فما تكسبه من وراء ذلك حلال إن شاء الله تعالى”. هذا التوجيه يرفع الحرج عن الحلاق ويحل له كسبه من هذه الخدمة في ظل هذه الظروف.

  • من جهة التوجيه والأفضل: مع هذه الإباحة، قدمت الدار نصيحة غالية بالقول: “ومع ذلك فنحن ننصح بالابتعاد قدر الإمكان عن ممارسة ذلك”. هذه النصيحة تؤكد على أن الرخصة ليست بالأمر المستحب في ذاته، بل هي مساحة للتيسير عند الحاجة، مع التأكيد على أن الأولى والأفضل هو الالتزام بالرأي الراجح شرعاً والابتعاد عن مواطن الخلاف.

الخلاصة: تظهر هذه الفتوى دقة الفقه الإسلامي ومرونته؛ فهو من ناحية يحافظ على الثوابت والراجح من الآراء (التحريم)، ومن ناحية أخرى يراعي ظروف الناس وحاجاتهم ويطبق القواعد الفقهية التي ترفع الحرج وتيسر على المكلفين، دون أن تنسيهم التوجيه نحو الفضيلة والأحوط في الدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى