إسلاميات

لماذا تأخر دفن النبي ﷺ 3 ايام ؟

سؤال “لماذا تأخر دفن النبي صلى الله عليه وسلم؟” يطرأ على أذهان الكثيرين عند قراءة أحداث تلك الفترة المفصلية في التاريخ الإسلامي. للإجابة على هذا السؤال، يجب فهم السياق التاريخي والعاطفي العميق الذي أحاط بوفاته، والذي يشرحه الداعية الإسلامي الدكتور محمد علي.

قدسية الجسد الشريف: حماية إلهية في الحياة والموت

أوضح الدكتور محمد علي أن جسد النبي صلى الله عليه وسلم الطاهر كان محفوظًا بحفظ الله عز وجل، في حياته وبعد مماته. فجسده الكريم ليس كأجساد البشر العادية؛

فهو طيبٌ طاهر، لا يغيِّره الموت ولا تصيبه آفات التحلل التي تصيب الآخرين، وذلك تكريمًا من الله تعالى لخاتم أنبيائه. هذه القدسية تعني أن هناك هالة من التقدير والاحترام تحيط بكل ما يتعلق بجسده الشريف، مما استلزم التعامل بحذر شديد وبطء متأنٍ.

السبب الأول: إتاحة الفرصة للجميع للصلاة عليه فرادى

كان السبب الرئيسي للتأخر هو رغبة جميع الصحابة، رضوان الله عليهم، في أداء فريضة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وقد شمل هذا الرجال والنساء وحتى الصبيان. لم تكن الصلاة جماعة بإمام، بل كان الناس يدخلون أرسالاً (أي جماعات متفرقة أو فرادى) إلى حجرته الشريفة ليصلوا عليه بشكل منفرد ثم يخرجوا.

هذه العملية، بمئات بل آلاف الصحابة، استغرقت وقتًا طويلاً بحسب ما ذكر المؤرخون مثل سعيد بن المسيب: “لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع على سريره، فكان الناس يدخلون زمرًا زمرًا يصلون عليه ويخرجون ولم يؤمهم أحد”.

السبب الثاني: التشاور في الترتيبات الأخيرة وسط الصدمة

أضاف الدكتور علي أن الصحابة اختلفوا في عدة أمور مهمة تتعلق بالجنازة، وكان لا بد من الوصول إلى إجماع أو قرار موحد بشأنها، ومن هذه الأمور:

  • من يغسله صلى الله عليه وسلم؟ كانت مسألة غسل جسده الشريف محل احترام وتقدير، واختيار من يتولى هذه المهمة العظيمة.

  • أين يدفن؟ دار نقاش حول مكان الدفن، هل في البقيع أم حيث مات؟ وكان الرأي الأخير هو دفنه في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث توفي.

هذه المشاورات في ظل ظروف عصيبة تطلبت وقتًا للوصول إلى القرار الصحيح الذي يليق بمقامه.

السبب الثالث والأعمق: هول الصدمة وعظم المصيبة

ربما كان هذا هو العامل الأكثر تأثيرًا. كان خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم صدمةً هائلةً أوقعت الصحابة الكرام في ذهول وحزن لا يوصف. لقد فقدوا قائدهم ونبيهم وأعز الناس عليهم.

  • أنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخبر في البداية.

  • أصاب الصمتُ بعضَ الصحابة.

  • أقعد الحزنُ الشديدُ آخرين عن الحركة، ولم يكادوا يصدقون ما حدث.

كانت مصيبة لا تُحتمل، تجمدت أمامها العقول وتوقفت القلوب، مما أثر على سرعة اتخاذ أي إجراء، فالعاطفة الجياشة والحزن العميق كانا عاملًا رئيسيًا في تأخر الدفن.

خاتمة: عبرة وعظة

استغرقت كل هذه الأسباب مجتمعة – الصلاة الفردية، المشاورات، وهول الصدمة – ما يقارب ثلاثة أيام قبل أن يتم دفن الجسد الشريف الطاهر. ويختم الدكتور محمد علي بأن موت النبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم مصيبة أصابت الأمة الإسلامية، وعزاؤنا الوحيد هو اللقاء به عند الحوض يوم القيامة، سائلين المولى عز وجل أن يرزقنا شفاعته وصحبته في جنات النعيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى