قصة الدكتور ضياء كمال الدين
الرجل الذي يظهر في الصورة على اليمين مرتديًا نظارته الشمسية فوق رأسه هو الدكتور ضياء كمال الدين، كبير استشاري أمراض القلب في لندن. بعد غياب دام أكثر من 15 عامًا، تمت دعوته إلى العراق لتكريمه في حفل رسمي. لكن ما حدث أثناء هذا التكريم سيظل محفورًا في ذاكرة كل من حضره.
لحظة مصيرية عند باب القاعة
عندما همّ الدكتور بدخول قاعة التكريم الفخمة، لفت نظره مشهد مؤثر: رجل عجوز في السبعينيات من عمره، منحني الظهر، مفترشًا جرائده على الرصيف كبائع متجول. توقف الطبيب المشهور في مكانه للحظات، تحدق عيناه في هذا المشهد الذي أيقظ فيه ذكريات بعيدة.
صراع داخلي بين الأضواء والذاكرة
دخل الدكتور القاعة وجلس في مكانه المخصص، لكن عقله وقلبه بقيا مع ذلك الرجل العجوز خارجًا. وعندما نودي على اسمه لتقلده وسام الإبداع، حدث ما لم يتوقعه أحد: بدلًا من التوجه إلى المنصة، اتجه نحو الباب وخرج من القاعة!
موقف أذهل جميع الحضور
توجه الدكتور مباشرة إلى بائع الجرائد العجوز وأمسك بيده بلطف. حاول الرجل المسن سحب يده قائلاً: “اتركني يا بني، ما راح أفرش الجرائد مرة أخرى هنا”. لكن الطبيب رد بصوت مليء بالدمع: “أنت أصلاً ما راح تفرش مرة أخرى.. أرجوك تعال معي شوي”.
الاعتراف المؤثر
بعد مقاومة قصيرة، استسلم الأستاذ العجوز عندما رأى دموع تلميذه السابق. أدخله الدكتور إلى القاعة وسط ذهول الحضور. وعندما سأله الأستاذ: “ما بك يا بني؟”، انفجر الطبيب بالبكاء وهو يعانقه ويقبل رأسه قائلاً: “ألم تعرفني يا أستاذ خليل؟ أنا تلميذك ضياء كمال الدين من الإعدادية المركزية سنة 1966، كنت الأول دائمًا وأنت من كنت تشجعني”.
درس في التكريم الحقيقي
في لحظة مليئة بالمشاعر، أخذ الدكتور وسام التكريم وقلده لأستاذه القديم في اللغة العربية. ثم ألقى كلمة مؤثرة أمام الحضور قال فيها: “هؤلاء هم من يستحقون التكريم. والله ما تخلفنا وجهلنا إلا بعد أن أذللناهم وأضعنا حقوقهم ولم نحترمهم بما يليق بمقامهم ورسالتهم السامية”.
إحياء لقيم إنسانية عظيمة
هذه القصة ليست مجرد لقاء عابر بين تلميذ ناجح وأستاذه القديم، بل هي رسالة قوية عن أهمية الاعتراف بالجميل، وتذكير بأن القيمة الحقيقية للإنسان ليست في ألقابه أو مناصبه، بل في قدرته على البقاء وفياً لأصوله وقيمه الإنسانية. لقد حوّل الدكتور ضياء لحظة تكريم شخصي إلى درس إنساني عظيم سيظل يذكر في الأوساط التعليمية والاجتماعية لسنوات طويلة.