كشف الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي وحوض النيل، هاني إبراهيم، عن خلفيات التحذير الرسمي الذي أطلقته السودان بشأن الارتفاع المفاجئ في مناسيب مياه النيل الأزرق، الذي يمثل المصدر الأساسي لمياه النيل في مصر.
جاء هذا التحذير في أعقاب رصد ارتفاع ملحوظ في مناسيب المياه عند محطة الديم وسد الروصيرص، مع وصول تأثير هذا الارتفاع إلى خزان مروي، الذي يُعد أقرب الخزانات المائية إلى الحدود المصرية.
محتــويات المقــال
التغيرات المائية المفاجئة: رصد كميات غير اعتيادية
ارتفاع تاريخي في الإيراد المائي
سجلت محطات الرصد السودانية أرقاماً قياسية في الإيراد المائي، حيث أشار هاني إبراهيم إلى أن “إيراد النيل الأزرق اليوم عند محطة الديم بالسودان بلغ 616 مليون متر مكعب، مع توقعات بزيادة هذا الرقم وفقاً لبيانات وزارة الري السودانية”. كما لاحظ الباحث أن “تدفقات سد الروصيرص بلغت 569 مليون متر مكعب باتجاه مجرى النهر”.
تحذيرات رسمية عاجلة
أصدرت وزارة الزراعة والري السودانية تنبيهاً عاجلاً للمواطنين المقيمين على ضفاف النيل الأزرق، من منطقة الروصيرص حتى العاصمة الخرطوم، وكذلك على ضفاف نهر النيل من الخرطوم شمالاً حتى خزان مروي، محذرة من ارتفاع غير مسبوق في مناسيب المياه قد يشكل خطراً على المناطق السكنية المجاورة.
المصدر الإثيوبي: تحليل عمليات سد النهضة
إطلاق كميات مائية كبيرة
كشف هاني إبراهيم أن “إثيوبيا قامت خلال اليومين الماضيين بإطلاق كميات هائلة من المياه من خلال تشغيل عدة بوابات في المفيض الجانبي لسد النهضة، بالتزامن مع مرور المياه من المفيض العلوي للسد”. هذا التحرك الإثيوبي المزدوج أدى إلى ارتفاع مفاجئ وكبير في مناسيب خزان الروصيرص السوداني.
تطورات تشغيل السد الإثيوبي
أوضح الباحث أن “مرور المياه من المفيض العلوي لسد النهضة قد توقف حالياً، ويتم حالياً تشغيل بوابتين فقط في المفيض الجانبي”. هذا التغير في نمط التشغيل يشير إلى تحول في الإستراتيجية الإثيوبية لإدارة منسوب بحيرة سد النهضة.
تحليلات فنية: تفسير للتغيرات في منسوب بحيرة السد
تقلبات في المنسوب
يفسر هاني إبراهيم توقف مرور المياه من المفيض العلوي بأنه “يدل على انخفاض المنسوب إلى أقل من 640 متر، ربما إلى 639.90 متر أو أقل”. إلا أن مرور المياه في الأيام السابقة بمعدلات أعلى “يشير إلى أن منسوب البحيرة قد يكون وصل إلى 640.30 أو 640.35 متر، قبل أن يتراجع خلال أيام قليلة”.
كميات المياه المارة
يشير التحليل إلى أن إثيوبيا قد قامت “بتمرير ما يقارب 800 مليون متر مكعب من المخزون المائي لبحيرة السد، بالإضافة إلى المساهمات المائية الناتجة عن الأمطار وتشغيل السدود الإثيوبية الأخرى مثل قناطر تانا وتانا بيلس وارجو ديديسا وفينشا”.
تساؤلات مستقبلية: غموض حول الإستراتيجية الإثيوبية
عدم وضوح الرؤية
يطرح هاني إبراهيم تساؤلات مهمة حول الخطوات المستقبلية: “إلى أي حد سوف يتم النزول بالمنسوب؟ وهل سوف يرتفع مجدداً أم لا؟ وإلى أي مدى زمني سوف يستمر تشغيل المفيض الجانبي؟ لا أحد يعلم الإجابات بشكل مؤكد”.
تقديرات كمية دقيقة
يقدر الباحث أن “التدفق من البوابتين العاملتين حالياً يبلغ حوالي 320 مليون متر مكعب يومياً، بالإضافة إلى الكميات الناتجة عن تشغيل بعض التوربينات إذا تم الاكتفاء بالبوابتين الحاليتين دون زيادة أو نقصان”.
تداعيات محتملة: تأثيرات على مصر والسودان
مخاطر فيضان محتملة
يشكل الارتفاع المفاجئ في المناسيب خطراً على المناطق السكنية والزراعية في السودان، خاصة مع استمرار تدفق هذه الكميات الكبيرة نحو الشمال.
تأثير على الحصة المائية المصرية
يظل التأثير على الحصة المائية المصرية مرهوناً بعدة عوامل، أهمها مدة استمرار الإطلاق الإثيوبي للكميات الكبيرة، والكمية الإجمالية التي سيتم إطلاقها، والتوقيت الذي ستصل فيه هذه الكميات إلى مصر.
خاتمة: ضرورة اليقظة المستمرة
تُظهر هذه التطورات أهمية الرصد المستمر لتحركات إثيوبيا في إدارة سد النهضة، والحاجة إلى تنسيق عالي المستوى بين مصر والسودان للتعامل مع التحديات المائية الطارئة، مع التأكيد على أن إستراتيجية إثيوبيا في إدارة السد ما زالت تحيطها الكثير من علامات الاستفهام التي تحتاج إلى متابعة دقيقة من الخبراء والمتخصصين.