جريمة مأساوية في نبروه
هزت جريمة مأساوية ضمير المجتمع في مركز نبروه بمحافظة الدقهلية، بعد أن أقدم الأب، عصام العزباوي، على قتل أطفاله الثلاثة قبل أن ينهي حياته منتحرًا بإلقاء نفسه تحت عجلات قطار. وفي محاولة لفهم دوافع هذه الجريمة التي يصعب استيعابها، يتحدث أحد أقرب أصدقاء المتهم، ليرسم صورة مختلفة عن الشخصية التي يقف المجتمع حائرًا أمام فعلتها.
صدمة تلقي الخبر: “الخبر وقع عليّ كالصاعقة”
وصف الصديق، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لحظة سماعه نبأ الحادث بأنها كانت “كالصاعقة” التي هزت كيانه. وكانت المفارقة أنه كان خارج البلاد، حيث تلقى المكالمة وهو في الأردن.
وقال في ذهول: “مكنتش أعرف والخبر وصلني من الأردن، ولقيت حد صاحبنا بيكلمني يقولي إيه اللي حصل لعصام.. ولقيته بيقولي إنه قتل ولاده”. هذه اللحظة، كما يرويها، تجسد الصدمة والإنكار الذي اعترى جميع من يعرفون العائلة، لتناقض الفعل مع صورة الرجل في أذهانهم.
شهادة على أخلاق المتهم: “إنسان طيب وملتزم”
قدم الصديق شهادة نافية للصورة النمطية التي قد يرسمها البعض عن مرتكب مثل هذه الجريمة. فقد أكد أن صديقه الراحل كان “إنسانًا طيبًا وملتزمًا”، مشددًا على أنه لم يكن يتوقع أو حتى يخطر على بال أحد من المقربين منه أن يُقدم على فعلة بهذا الحجم.
هذه الشهادة تزيد من غموض الجريمة، وتطرح تساؤلات أكبر عن الظروف النفسية الخفية التي قادت إلى هذه النهاية المأساوية.
علاقته بزوجته الثانية: خلافات عابرة و”كان مبسوط منها”
في محاولة لفهم السياق العائلي، تناول الصديق طبيعة علاقة المتهم بزوجته الثانية، نافيًا أن تكون هناك خلافات مستعصية أو عميقة. ووصف الخلافات بينهما بأنها كانت “عابرة”، مؤكدًا أن المصالحة بينهما كانت سريعة ودائمة: “كان زعل مع مراته عادي وراجعوا لبعض تاني”.
بل وأضاف ملمحًا مهمًا يدل على ارتياحه من هذه العلاقة، قائلًا: “وكان مبسوط منها لأنها بتعامل عياله كويس”، مما ينفي فكرة وجود صراع حاد على الأطفال أو كراهية من جانبها.
آخر الذكريات السعيدة: إجازة في رأس البر
لتدعيم رأيه عن استقرار العلاقة، كشف الصديق عن أن المتهم، فور صلحه مع زوجته، اصطحبها مع أطفاله الثلاثة في إجازة إلى مدينة رأس البر الساحلية. وقال: “كانوا في رأس البر قريب هو ومراته وعياله وكانوا كويسين خالص”. هذه الرحلة، التي كانت قبل الحادث بفترة وجيزة، تقدم صورة مغايرة تمامًا للأسرة المستقرة والسعيدة، مما يجعل الحادث أكثر إرباكًا وغموضًا.
نفي التعاطي والإشادة بحنانه الأبوي: “حنين على ولاده جدًا”
سارع الصديق إلى نفي أي شائعات حول احتمال تعاطي المتهم للمخدرات، مؤكدًا أنه كان شخصًا نظيفًا تمامًا في هذا الشأن. وقال: “لا يتعاطى أي مواد مخدرة وآخره شرب السيجارة العادية فقط”. وعوضًا عن ذلك، قدم صورة للأب الحنون، قائلًا: “وكان حنين على ولاده جدًا”.
ولإثبات ذلك، كشف عن أن الراحل كان قد سافر معه إلى الأردن في رحلة عمل مؤخرًا تحديدًا ليجمع المال: “ومخصوص علشان يبقى معاه فلوس ويشتري ليهم مستلزمات المدرسة”. هذه التفاصيل ترسم صورة لأب مُحب ومُضحٍّ، مما يصعب معه ربط شخصيته بالجريمة البشعة.
خاتمة: صدمة مستمرة وغموض يلف الجريمة
اختتم الصديق حديثه معبرًا عن استمرار حالة الصدمة ورفض العقل لما حدث. فقال في حيرة وأسى: “أنا مش مصدق اللي حصل لحد دلوقتي”. وكرر وصفه للراحل بأنه “كان طيب وبيصلي ودايمًا يضحك”، قبل أن يختتم بمأساوية قائلاً: “هو مات وأخد سره معاه، وعياله كانوا روحه”.
هذه العبارة تلخص المأساة بأكملها؛ رجل يحمل سرًا مظلمًا لم يظهره لأقرب الناس إليه، لتنتهي حياته وحياة أطفاله الأبرياء بطريقة مروعة تاركة وراءها مجتمعًا في حيرة من أمره، وعددًا لا يحصى من علامات الاستفهام التي قد تظل دون إجابة.