إجراءات استصدار البطاقة الشخصية في سوريا
شهدت سوريا خلال سنوات النزاع المسلح (2011-2023) تحديات كبيرة في مجال إصدار الوثائق الرسمية، وخاصة البطاقة الشخصية (الهوية)، والتي تُعد وثيقة أساسية لإثبات الهوية وتنظيم المعاملات المدنية والقانونية.
وقد تفاقمت هذه التحديات في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، حيث تعرضت مراكز السجل المدني للتدمير أو التعطيل، كما لجأ العديد من المواطنين إلى النزوح أو اللجوء، مما أدى إلى صعوبات كبيرة في استخراج أو تجديد الوثائق الرسمية.
إضافة إلى ذلك، أدت الظروف الاستثنائية إلى ظهور أجيال من الشباب تجاوزوا سن الرابعة عشرة دون الحصول على بطاقات هوية، كما فقد كثيرون وثائقهم الشخصية بسبب النزوح أو الظروف الأمنية. وفي محاولة لسد هذه الفجوة، قامت بعض الجهات المسيطرة في المناطق غير الخاضعة للدولة بإصدار وثائق تعريفية بديلة، إلا أن هذه الوثائق لم تحظَ باعتراف رسمي خارج نطاق مناطق إصدارها، مما زاد من تعقيد أوضاع حامليها.
محتــويات المقــال
أهمية البطاقة الشخصية
تُمثل البطاقة الشخصية وثيقة حيوية في الحياة اليومية للمواطن السوري، حيث يُشترط إبرازها في العديد من المعاملات، مثل:
-
المعاملات الإدارية والمالية (فتح الحسابات المصرفية، استلام التحويلات).
-
التعاملات العقارية (تسجيل الملكيات، إجراء التعهدات).
-
الحصول على الخدمات العامة (التسجيل في المدارس، الجامعات، المستشفيات).
-
التقدم للوظائف والامتحانات الرسمية.
-
المرور عبر الحواجز الأمنية.
ونظراً لهذه الأهمية، فإن عدم امتلاك البطاقة الشخصية يحرم المواطن من حقوقه الأساسية ويعرقل إنجاز معاملاته اليومية.
الإجراءات القانونية لإصدار البطاقة الشخصية لأول مرة
ينظم قانون الأحوال المدنية السوري (المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 2021) إجراءات منح البطاقة الشخصية، حيث يُلزم كل مواطن/ة بالتقدم بطلب للحصول عليها خلال سنة من إتمامه سن الرابعة عشرة. ويقع على عاتق الوالدين مسؤولية تقديم الطلب نيابة عن القاصر، مع تعريض المتخلف لغرامة مالية.
المستندات المطلوبة
-
أربع صور شخصية ملونة (4×4) بخلفية بيضاء.
-
دفتر العائلة، أو شهادة تعريف من المختار في حال عدم توفر دفتر العائلة.
-
دفتر خدمة العلم (للذكور بين 19 و42 سنة).
-
الطوابع المالية (رسم قدره 1000 ليرة سورية).
خطوات الإصدار
-
الحضور الشخصي لمقدم الطلب إلى مركز السجل المدني المختص، مع ضرورة مرافقة الولي في حال كان القاصر دون السن القانونية.
-
ملء استمارة الطلب وتقديم المستندات المطلوبة.
-
استلام إيصال مؤقت يتضمن موعد استلام البطاقة.
إجراءات استبدال البطاقة التالفة أو المفقودة
1. البطاقة التالفة
-
تقديم طلب استبدال في أي مركز سجل مدني.
-
إرفاق أربع صور شخصية والبطاقة التالفة (للمطابقة).
-
دفع غرامة مالية قدرها 7000 ليرة سورية.
2. البطاقة المفقودة
-
تنظيم ضبط فقدان في قسم الشرطة المختص (بحضور شاهدين).
-
تقديم طلب بدل ضائع إلى السجل المدني مع:
-
صورة مصدقة عن ضبط الشرطة.
-
المستندات نفسها المطلوبة للإصدار لأول مرة.
-
دفع غرامة 7000 ليرة سورية.
-
-
عقوبة استخدام البطاقة المفقودة بعد الإبلاغ عنها: الحبس من شهر إلى 6 أشهر أو غرامة 150,000 ليرة سورية.
تعديل أو تصحيح بيانات البطاقة الشخصية
في حال تغيير أي بيانات (مثل الاسم، العنوان، الحالة الاجتماعية)، يجب على المواطن:
-
التقدم بطلب تصحيح خلال 30 يوماً من تاريخ التعديل.
-
دفع غرامة 7000 ليرة سورية في حال التأخير.
تحديات تواجه اللاجئين والمقيمين خارج سوريا
يُشترط حالياً الحضور الشخصي داخل سوريا لاستخراج البطاقة الشخصية، حيث لا يُسمح بالتقديم عبر السفارات أو بواسطة وكيل. وهذا يحرم آلاف اللاجئين وأبنائهم (خاصة من تجاوزوا سن الرابعة عشرة) من حقهم في الحصول على هوية رسمية، مما يعيق معاملاتهم القنصلية (مثل تجديد الجوازات أو تسجيل المواليد).
التوصيات
-
تحديث نموذج البطاقة الشخصية ليكون أكثر أماناً (باستخدام مواد متينة وتقنيات حديثة مثل الشريط الإلكتروني).
-
تمكين السوريين في الخارج من استخراج البطاقة عبر السفارات أو أنظمة إلكترونية آمنة.
-
إلغاء الغرامات على المتأخرين في استخراج البطاقة لأول مرة أو استبدالها، نظراً للظروف الاستثنائية.
-
توحيد وثائق السجل المدني في كافة المناطق السورية، واستبدال الوثائق غير الرسمية بأخرى معتمدة.
-
تسهيل إجراءات التقديم للمناطق النائية والنازحين، عبر فتح مراكز متنقلة أو تبسيط المتطلبات.
الخاتمة
تظل البطاقة الشخصية أداة أساسية لضمان حقوق المواطنين السوريين، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار. لذا، من الضروري تبني سياسات مرنة تواكب التحديات التي خلفها النزاع، وتضمن حق كل مواطن في الحصول على وثائق رسمية معترف بها دون عوائق إدارية أو أمنية.