الاخبار

اشتباكات بين الجيش السوري و”قسد”

شهدت جبهة ريف حلب الشرقي، الخميس، تصعيداً عسكرياً كبيراً ومتعدد المحاور بين القوات المسلحة التابعة للنظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في اشتباك مباشر نادر بهذه الحدة، مما ينذر بفتح جبهة جديدة ساخنة تضيف تعقيداً إضافياً للمشهد المتفجر أصلاً في شمال سوريا.

الحدث: اشتباكات شاملة بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة

اندلعت المواجهات على محاور متفرقة، أبرزها في منطقة دير حافر الاستراتيجية، والتي شهدت اشتباكات عنيفة باستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة. لم يقتصر القتال على المناوشات الاعتيادية، بل تطور ليشمل:

  • تبادل كثيف للقصف الصاروخي والمدفعي، مما يشير إلى استخدام عتاد عسكري متطور نسبياً وليس فقط أسلحة خفيفة.

  • حرب طائرات مسيرة، حيث أفادت مصادر ميدانية بمشاركة طائرات “بروسك” (المسيرة) التابعة لـ “قسد” بشكل فعال في ساحة المعركة، وتمكنها من تدمير هدفين عسكريين على الأقل (سيارتين عسكريتين).

  • نقل التعزيزات، حيث دفعت قوات سوريا الديمقراطية بوحدات النخبة من العمليات الخاصة إلى جبهات القتال، في إشارة إلى جدية التصعيد وعدم اعتباره مجرد اشتباك عابر.

الروايات المتضاربة: كل طرف يرمي باللائمة على الآخر

كما هو الحال في معظم الصراعات، قدم الطرفان روايتين متعارضتين تماماً للحدث، مما يجعل تحديد الفاعل الأول أمراً بالغ الصعوبة:

  1. رواية النظام السوري (وزارة الدفاع): قدمت الرواية الرسمية للجيش السوري الحدث على أنه اعتداء مفاجئ وغير مبرر من قبل “قسد”. وحدّدت البيان المصادر الجغرافية للهجوم بـ”مطار الجراح العسكري ومحيط مدينة مسكنة”،

  2. مؤكدة أن القصف استهدف بشكل مباشر قرى مدنية (الكيارية، رسم الأحمر، حبوبة كبير)، وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين (قتيلان وثلاثة جرحى). وفقاً لهذه الرواية، فإن رد الجيش السوري كان دفاعياً بحتاً واستنفر فوراً “لواجبه بحماية المواطنين”.

  3. رواية قوات سوريا الديمقراطية (قسد): قدمت رواية معاكسة تماماً، مفادها أن عملها كان رد فعل دفاعي على “محاولات تسلل وقصف مدفعي نفذتها مجموعات تابعة للحكومة السورية”. ووصفت البيان عملها بأنه “تصدٍ” ناجح وأحبط المحاولة “بشكل كامل”.

  4. وألقت “قسد” بـالمسؤولية الكاملة على الطرف الآخر، متهمة إياه بخلق “خروقات متكررة تهدد الاستقرار العام”. كما سعت إلى طمأنة أنصارها بالإعلان أن الوضع “تحت السيطرة التامة” وأن قواتها في “جاهزية دائمة”.

التحليل والسياق: صراع النفوذ على خطوط التماس

هذا التصعيد ليس منعزلاً، بل يأتي في سياق أوسع من التوتر المتصاعد على خطوط التماس التي تفصل مناطق سيطرة النظام عن تلك الخاضعة لسيطرة “قسد” المدعومة من التحالف الدولي. هذه المناطق، وخاصة حول حلب والرقة،

تشهد باستمرار مناوشات، لكن استخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة بهذه الكثافة يرفع من سقف التهديد ويفتح الباب أمام مواجهات أوسع. كلا الطرفين يحاول ترسيخ وجوده وإرسال رسائل قوة، حيث يرى النظام في “قسد” خطراً انفصالياً مدعوماً من الخارج، بينما ترى “قسد” في تقدم النظام تهديداً وجودياً لها.

التداعيات المحتملة: اختبار للإرادات ونذير بتصعيد أوسع

يحمل هذا التصعيد عدة تداعيات خطيرة:

  • اختبار للقدرات: كان استخدام الطائرات المسيرة من قبل “قسد” وتدميرها لأهداف عسكرية رسالة واضحة على تطور قدراتها القتالية، بينما كان رد الجيش السوري السريع رسالة على استعداده.

  • استنزاف متبادل: تستنزف هذه الاشتباكات قوى الطرفين في معارك جانبية بينما التركيز الدولي منصب على أخرى، مما يزيد من تعقيد أي عملية سياسية مستقبلية.

  • خطر على المدنيين: كما أشار بيان النظام (بغض النظر عن دقته)، فإن القرى الواقعة على خطوط التماس هي الأكثر عرضة للضرر، مما يزيد من معاناة السكان ويتسبب بنزوح جديد محتمل.

  • نذير تصعيدي: إن فشل آلية التصعيد المتوترة أصلاً بين القوى الدولية الفاعلة في سوريا في احتواء هذا النوع من الاشتباكات قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من المواجهات المباشرة الأوسع نطاقاً، خاصة في ظل الخطاب المتشدد من كلا الجانبين الذي يتوعد بـ”رد حازم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى