عاجل فيديو انتشر ل مقداد فتيحة
في مشهد يعكس حدة الصراع الدائر في المنطقة، انتشر مقطع فيديو يوجه فيه مقاتل يُدعى مقداد فتيحة تهديداً صريحاً وقاسياً لما أسماهم “أتباع الجولاني” (في إشارة إلى أمير هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني). لم يكن الخطاب مجرد تهديد عسكري اعتيادي، بل كان بمثابة نذير بمرحلة جديدة من الصراع، يحمل دلالات سياسية ونفسية عميقة تتجاوز كلماته المباشرة.
تحليل الخطاب: لغة الإبادة والثأر
يمتاز خطاب فتيحة بعدة سمات رئيسية جعلته ينتشر بهذه السرعة ويحظى بهذه الأهمية:
-
الطابع الأخروي والرمزي: استخدم فتيحة لغةً شديدة اللهجة مستمدّةً من قاموس الصراع الديني-المذهبي. مصطلحات مثل “جحيم الدنيا”، “أبواب النار”، و”حسابكم اقترب” لا تهدف فقط إلى الترهيب العسكري، بل إلى إضفاء بعد عقائدي على الصراع، مما يجعله صراع وجود لا مكان للمهادنة فيه.
-
استهداف الشرعية: عندما قال “لن تنفعكم لا شعارات ولا خداع”، كان يهاجم بشكل مباشر الخطاب الدعائي والإعلامي الذي تتبناه هيئة تحرير الشام، متهمًا إياهم بالزيف والادعاء. هذه نقطة جوهرية في حروب الظلال والإعلام، حيث يسعى كل طرف إلى تقويض شرعية خصمه أمام أتباعه والجمهور العام.
-
الإيحاء بالحصار الشامل: عبارات مثل “لن تجدوا مأوى ولا ملجأ” و”ستُفتح أبواب النار عليكم من كل الجهات” توحي بعملية عسكرية شاملة ومحكمة،يهدف إلى إحداث تأثير نفسي مدمر على معنويات الخصم، عبر تصويره محاطاً بشكل كامل ولا مهرب له.
-
التأكيد على المسؤولية والثمن: جملة “أنتم من اخترتم طريق الفتنة والدمار، وأنتم من ستدفعون الثمن غالياً” تضع المسؤولية الكاملة على الطرف الآخر، وهي سمة كلاسيكية في خطاب التبرير، حيث يتم تقديم الرد على أنه فعل مضطر ورد على افعال الطرف المعادي.
السياق الجيوسياسي: أكثر من مجرد تهديد
لا يمكن فهم هذا الخطاب بمعزل عن السياق المتأزم في شمال سوريا، وتحديداً في محافظة إدلب. إنه يعكس:
-
تصاعد حدة التوتر بين هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى المناوئة لها، والتي غالباً ما تدعمها تركيا.
-
إرهاصات معركة كبرى قد تكون قادمة، حيث يحاول كل طرف ترجيح كفة القوة لصالحه قبل أي مفاوضات أو تسويات مستقبلية.
-
حرب نفسية مكثفة حيث أصبحت المقاطع المصورة والخطابات أحد أبرز أسلحة التأثير في الرأي العام المحلي وتوجيه ولاءات المقاتلين على الأرض.
الخلاصة: رسالة من عالم آخر
خطاب مقداد فتيحة هو أكثر من مجرد تسجيل صوتي؛ إنه نافذة على طبيعة الصراع في سوريا الذي تحول إلى حرب متعددة المستويات: عسكرية، سياسية، طائفية، ونفسية. إنه يؤكد أن منطق “القوة هي الحكم” لا يزال هو السائد في العديد من الساحات، وأن لغة التهديد والثأر هي اللغة التي يتكلمها من أنهكهم طول النزاع.
الرسالة واضحة كما جاء في نهاية الخطاب: “القادم أشدّ وأقسى مما تتوقعون”. إنها رسالة لا تعلن فقط عن معارك جديدة، بل تُنبئ بفصل دامٍ آخر في حرب استنزفت الجميع، ولم يبق فيها سوى لغة الدم والتهديد. إنه صورة قاتمة لواقع مرير، حيث أصبح “جحيم الدنيا” هو الوعيد اليومي، و”أبواب النار” هي السيناريو المتوقع الذي يلوح في الأفق.
https://www.facebook.com/Coorba.jo/videos/746252711555786?locale=ar_AR