قصة حدثت في دمشق
“أنا عمري ١٩ سنة، وليس لدي أي أخوات. عندما كان عمري ٨ سنوات فقط، تم اعتقال والدي. ومنذ تلك اللحظة، انقلبت حياتنا رأساً على عقب. بكل صدق، دفعنا الكثير من الأموال لمعرفة مكانه، وكان الرد الوحيد الذي حصلنا عليه هو أنه موجود في فرع ‘مخابرات الصيدانية’.”
لقاء مصيري في ظلام الشام
“قبل سقوط المنطقة بشهرين، وكما يعلم الجميع كيف كانت وسائل النقل في دمشق في تلك الأيام، كنا أنا وأمي واقفين ننتظر ‘سرفيس’. كانت الليلة قد أسدلت ستارها، وكانت سيارتنا على وشك الإلغاء.
فجأة، توقفت سيارة مفخمة بالقرب مننا، وانزلق زجاج النافذة ليكشف عن سائقها. سأل أمي: ‘إلى أين أنت متجهة يا أختي؟’ أجابت أمي بصراحة: ‘نحن ذاهبات إلى المكان الفلاني’. فرد قائلاً: ‘تفضلي، أنا أيضاً متجه إلى هناك’. بالرغم من الخوف الذي تملكنا لأن الظلام كان قد خيم وكنا لوحدنا، إلا أن الضرورة أجبرتنا على قبول الرحلة.”
كشف الهوية وصدمة المفاجأة
“أثناء الطريق، بدأ يسألنا عن أصولنا وأسئلة عادية، وكانت أمي تجيب. ثم نظر إلينا من خلال مرآة الرؤية الخلفية وقال بلهجة جادة: ‘أنا ضابط في مخابرات الصيدانية’. في تلك اللحظة، شعرت أن رجلي لم تعدا تقويان على حملي. لكنه بادر بطمأنة أمي قائلاً: ‘لا تخافي، قولي لي، هل لديكِ أحد هناك؟'”
بصيص أمل ووعد كاذب
“أخبرته أمي عن والدي. فطلب على الفور اسمه بالكامل وتاريخ ميلاده واسم والدته. ثم اتصل بشخص ما عبر هاتفه المحمول، وبعد محادثة قصيرة، أكد للأسف أن والدي موجود بالفعل ومحكوم، ولكن ‘لا شيء عليه’ وأنه على قيد الحياة. طار قلوبنا فرحاً. ثم عرض علينا ترتيب زيارة له تحت كفالته الشخصية، وأعطى أمي رقم هاتفه، وطلب منها الاتصال به فور وصولها إلى المنزل لترتيب تفاصيل الزيارة.”
خيبة الأمل والانتظار الأبدي
“ما إن نزلنا من سيارته حتى اتصلت أمي بالرقم الذي أعطاها إياه… لكنها قاست خيبة أمل مريرة. لم يجب أحد. صرخت بأمي وأنا أبكي بأن نذهب لرؤية أبي، لكنها أجابتني بقلب مكسور: ‘هؤلاء لا يخافون الله’. مرت الأيام وتلتها أيام، إلى أن حصل السقوط.”
الحقيقة المرة والجرح الذي لا يندمل
“عندما بحثنا عن اسم والدي في القوائم، وجدنا الحقيقة التي حطمتنا. كان مكتوباً أمام اسمه: ‘تم إعدامه بتاريخ ١٢/٢/٢٠١٦’. رحمك الله يا أبي، وانتقم من ظالميك. إلى الآن لا أفهم لماذا كذب علينا ذلك الرجل؟ لماذا منحنا أملاً كاذباً بينما كانت الحقيقة مأساوية إلى هذا الحد؟”