اعترافات خطيرة من وسيم الاسد
في عملية أمنية مُحكمة، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن القبض على وسيم بديع الأسد، ابن عم الرئيس السابق بشار الأسد، في منطقة تلكلخ بمحافظة طرطوس القريبة من الحدود السورية اللبنانية. ويُعد وسيم الأسد، الملقب بـ“بارون المخدرات”، أحد أخطر تجار المخدرات في سوريا، وأبرز زعماء ما كان يُعرف بـ“الشبيحة”، الذين لطالما نبذهم السوريون، خاصة في مناطق الساحل السوري، حيث كان يتركز نشاطه الإجرامي.
محتــويات المقــال
صورة الاعتقال تثير تفاعلاً واسعاً
بعد الإعلان عن القبض عليه، تداول السوريون على نطاق واسع صورة نشرتها وزارة الداخلية تظهر وسيم الأسد بلباس الموقوفين، وسط ترحيب شعبي كبير. وأعرب كثيرون عن ارتياحهم لاعتقال أحد أبرز تجار المخدرات والمتورطين في جرائم متعددة، واصفين العملية بـ“الكَمين المُحكم”.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان لها:
“في إطار عملية أمنية مُحكمة، تمكن جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع الجهات المختصة في وزارة الداخلية من استدراج المجرم وسيم الأسد، أحد أبرز تجار المخدرات والمتورطين في عدة جرائم خلال فترة النظام البائد.”
وأضافت أن الفرق الأمنية نفذت المهمة بنجاح من خلال كمين دقيق، مما أسفر عن القبض عليه.
وسيم الأسد: من التكريم إلى السجن
عُرف وسيم الأسد خلال حكم النظام السابق كواحد من أبرز وجوه العصابات المسلحة (“الشبيحة”) التي كانت تُرهب المدنيين وتنفذ جرائم بحق المعارضين. وعلى الرغم من ذلك، تم تكريمه في مناسبات رسمية، حيث ظهر في صور متداولة وهو يتسلم تكريماً من محافظ دمشق آنذاك “لدوره في إثراء الفكر العربي”، في مفارقة تسلط الضوء على فساد النظام السابق.
ووفقاً لمصادر أهلية من مناطق الساحل السوري، كان وسيم الأسد “رمزاً للتغول والتوحش والإجرام”، حيث كان ينتمي إلى دائرة مقربة من عائلة الأسد التي هيمنت على الساحل ومارست النهب والقتل والتهريب دون رادع. وقالت المصادر لـ“الشرق الأوسط”:
“كان هؤلاء (أقارب الأسد) وجوه دولة العصابات، يسرقون ويقتلون ويغتصبون بدم بارد، بينما يعيش أهالي القرى المجاورة في فقر مدقع.”
دوره في تجارة المخدرات وقمع الاحتجاجات
ارتبط اسم وسيم الأسد بشكل وثيق بتجارة الكبتاغون، حيث كان يُشرف على مراكز تصنيع وتهريب المخدرات التابعة للفرقة الرابعة في يعفور بريف دمشق. كما يُتهم بالمشاركة في قمع الاحتجاجات عام 2011 وارتكاب انتهاكات بحق المعارضين.
وظهر في صور مع تاجر المخدرات اللبناني الشهير نوح زعيتر، مما عزز الشكوك حول شبكة تهريب المخدرات بين سوريا ولبنان. كما ورد اسمه في قوائم العقوبات الدولية كأحد رموز النظام السابق المتورطين في تجارة المخدرات وتمويل الميليشيات.
نظام الأسد وتجارة الكبتاغون: صناعة تقدر بمليارات الدولارات
كشفت تقارير بريطانية أن نظام الأسد كان يسيطر على 80% من الإنتاج العالمي للكبتاغون، بتجارة سنوية تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار، كانت تدرّ على العائلة الحاكمة أرباحاً تقارب 2.4 مليار دولار سنوياً.
ظهوره الاستفزازي وسقوطه المدوي
في السنوات الأخيرة، اعتاد وسيم الأسد الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان يستعرض ثروته وسياراته الفارهة، بينما كان يوجه رسائل للسوريين يحثهم فيها على “الصبر” على الأزمات الاقتصادية، أو يستهزئ باللاجئين السوريين. وقد لاقت هذه التصرفات استياءً واسعاً، مما جعل اعتقاله لحظة انتظارها كثيرون.
ملاحقة فلول النظام البائد وتعزيز السلم الأهلي
تواصل وزارة الداخلية والقوى الأمنية حملاتها لملاحقة المتورطين في جرائم النظام السابق، بالتوازي مع عمل لجنة السلم الأهلي ولجنة العدالة الانتقالية، التي تهدف إلى محاسبة المجرمين وإحالة ملفاتهم إلى القضاء، لمنع أي أعمال انتقامية.
يُعتبر القبض على وسيم الأسد خطوة مهمة في مسار محاسبة المفسدين، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلات حول مصير بقية رموز الفساد الذين ما زالوا طلقاء.