كلمة قائد قوات الدفاع الجوي
تحتفل مصر والقوات المسلحة في الثلاثين من يونيو من كل عام بـعيد قوات الدفاع الجوي، وهو اليوم الذي سجل فيه رجال الدفاع الجوي أول انتصار عظيم لهم في عام 1970 بإسقاط طائرتي “فانتوم” لأول مرة، بالإضافة إلى طائرتي “سكاي هوك” وأسر ثلاثة طيارين إسرائيليين. وتوالت انتصارات القوات بعد ذلك، حيث وصل عدد الطائرات الإسرائيلية التي تم إسقاطها إلى 12 طائرة بنهاية الأسبوع، وهو ما عُرف تاريخيًا بـ“أسبوع تساقط الفانتوم”. ومنذ ذلك الحين، اتخذت قوات الدفاع الجوي يوم 30 يونيو عيدًا سنويًا لها.
محتــويات المقــال
كلمة قائد قوات الدفاع الجوي بمناسبة العيد الـ55
ألقى الفريق ياسر الطودي، قائد قوات الدفاع الجوي، كلمة بمناسبة الاحتفال بالعيد الـ55، مؤكدًا أن هذا اليوم يمثل وفاءً وإجلالًا لشهداء الدفاع الجوي والرواد الأوائل الذين ضحوا بأرواحهم من أجل رفعة الوطن وحماية سمائه.
حائط الصواريخ.. ملحمة التخطيط والتنفيذ
استعرض الفريق الطودي ملحمة إنشاء حائط الصواريخ خلال حرب الاستنزاف، موضحًا أن الهدف كان توفير حماية جوية للتجمعات الرئيسية للقوات المصرية والقواعد الجوية على طول جبهة قناة السويس. وقد تم التخطيط لبناء الحائط بطريقتين:
-
الخيار الأول: القفز بكتائب الصواريخ إلى الأمام دفعة واحدة واحتلال مواقع ميدانية دون تحصينات، مع قبول الخسائر المتوقعة لحين اكتمال التحصينات.
-
الخيار الثاني: التقدم بكتائب الصواريخ عبر مراحل متتالية (أسلوب الزحف البطئ)، حيث يتم بناء التحصينات لكل نطاق تحت حماية النطاق الخلفي.
وقد تم اعتماد الخيار الثاني، حيث نجح رجال الدفاع الجوي والمهندسون العسكريون في بناء مواقع محصنة تحت نيران العدو، وتمكنوا من احتلال النطاق الأول شرق القاهرة خلال 3 ليالٍ فقط، وامتدت التغطية لمسافة 50 كم دون أي رد فعل من العدو. ثم توالت التحركات حتى وصلت القوات إلى مسافة 30 كم غرب القناة، مما أجبر العدو على قبول مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار في 8 أغسطس 1970.
دور الدفاع الجوي في حرب أكتوبر 1973
أكد الفريق الطودي أن حرب أكتوبر 1973 كانت محطة فارقة في تاريخ القوات المسلحة، حيث بدأ الإعداد لها منذ حرب الاستنزاف، من خلال:
-
إسقاط طائرة الاستطلاع الإلكتروني “الإستراتوكروزر” في 17 سبتمبر 1971، مما حرم العدو من جمع المعلومات.
-
تطوير التسليح بأنظمة جديدة مثل صواريخ سام 2 وسام 3 والكوادرات والشيلكا.
-
تعزيز الحقل الراداري بأجهزة متطورة قادرة على مقاومة الإعاقة الإلكترونية.
-
تحسين التكتيكات القتالية عبر تكثيف الوقاية المباشرة لكتائب الصواريخ وإنشاء مواقع هيكلية محصنة.
وفي 6 أكتوبر 1973، واجهت قوات الدفاع الجوي هجمات جوية عنيفة، لكنها تمكنت من:
-
إسقاط 32 طائرة معادية في الأيام الثلاثة الأولى.
-
إجبار العدو على عدم الاقتراب من القناة لمسافة أقل من 15 كم.
-
إسقاط إجمالي 326 طائرة وأسر 22 طيارًا بحسب تصريحات القائد.
وقد اعترف موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، بعجز سلاح الجو الإسرائيلي عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية، قائلًا: “القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها… ثقيلة بدمائها”.
منظومة الدفاع الجوي الحديثة.. الأكثر تطورًا في العالم
أشار الفريق الطودي إلى أن التطور الهائل في أسلحة الهجوم الجوي (مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية) فرض تحديات جديدة، مما استدعى تطوير أعقد منظومات الدفاع الجوي في العالم، والتي تعتمد على:
-
أنظمة استطلاع وإنذار متطورة (رادارات، مراقبة جوية).
-
صواريخ ومدفعية مضادة للطائرات متعددة المديات.
-
مراكز قيادة وسيطرة متكاملة مع القوات الجوية والبحرية والحرب الإلكترونية.
وأكد أن السر لا يكمن في الأسلحة المتطورة فقط، بل في فكر الاستخدام غير النمطي الذي يجعل قوات الدفاع الجوي قادرة على مواجهة أي تهديد.
إعداد المقاتلين.. الركيزة الأساسية للدفاع الجوي
أوضح قائد قوات الدفاع الجوي أن القيادة تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير المقاتل المصري عبر ثلاث مسارات:
-
إعادة صياغة شخصيته (تعزيز الروح المعنوية، الولاء، الصمود النفسي).
-
تطوير التعليم العسكري (استخدام الذكاء الاصطناعي، التدريب التفاعلي).
-
التدريب العملي المكثف (استخدام المقلدات، الرمايات التخصصية، التدريبات المشتركة مع دول صديقة).
كما تم توفير سبل الرعاية للمقاتلين عبر:
-
إنشاء معسكرات إيواء متطورة.
-
تطوير المراكز الثقافية والترفيهية.
-
تقديم خدمات اجتماعية للضباط وأسرهم.
التعاون العسكري مع الدول الشقيقة والصديقة
أكد الفريق الطودي على تعزيز العلاقات العسكرية مع الدول الصديقة في مجالات:
-
التدريب: تبادل الخبرات، تدريبات مشتركة مثل (النجم الساطع، سهم الصداقة، ميدوزا).
-
التسليح: تبادل الخبرات الفنية لأنظمة الدفاع الجوي المتماثلة.
-
البحوث الفنية: ورش عمل لتطوير أنظمة الدفاع الجوي.
تحديات المستقبل.. وكيفية مواجهتها
استعرض القائد أبرز التحديات التي تواجه الدفاع الجوي في العصر الحديث، مثل:
-
التفوق الجوي (طائرات الشبح، الذخائر الذكية).
-
التفوق الصاروخي (صواريخ باليستية فرط صوتية).
-
الحرب الإلكترونية والسيبرانية.
ولمواجهة هذه التهديدات، تعتمد القوات على:
-
الإنذار المبكر عبر الأقمار الصناعية.
-
منظومة دفاع جوي متعددة الطبقات.
-
أنظمة غير تقليدية (ليزر، إعاقة إلكترونية، خداع).
رسائل طمأنينة للشعب المصري
اختتم الفريق ياسر الطودي كلمته برسائل طمأنينة:
-
للمقاتلين: “أنتم حصن مصر المنيع، فكونوا عند حسن الظن”.
-
للشعب المصري: “رجال الدفاع الجوي يعاهدون الله أن يظلوا درعًا يحمي سماء الوطن”.
-
للقائد العام للقوات المسلحة: “سنظل أوفياء لمهمتنا في التطوير والدفاع عن مصر”.
-
للرئيس عبد الفتاح السيسي: “نحن جنود أوفياء، نحفظ لمصر هيبتها ولسماء الوطن قدسيتها”.
ختامًا..
يظل عيد الدفاع الجوي ذكرى خالدة تذكر العالم بأن سماء مصر عصية على الأعداء، بفضل تضحيات رجال الدفاع الجوي الذين كتبوا بأرواحهم ملاحم لا تنسى في تاريخ العسكرية المصرية.