ما معنى “ثجاجًا” فى قوله تعالى: “وأنزلنا من المُعصرات ماءً ثجاجًا”
# تفسير قوله تعالى “وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا” (سورة النبأ: 14)
أوضح الدكتور عبد الرحمن بن معاضة البكري، أستاذ الدراسات القرآنية، أن كلمة “ثجاجا” في الآية الكريمة تدل على **الماء الغزير المصبوب بغزارة شديدة**. ويشتق المعنى من الأصل اللغوي للكلمة حيث:
– “ثجّ” تعني **الصب بغزارة وانهمار**
– “الثجاج” هو **الماء المنهمر بكثرة وباستمرار**
السياق القرآني والاستعمال النبوي
جاءت هذه الكلمة في سياق الحديث عن **نعم الله تعالى** على البشر، حيث ذكر الله إنزال الماء الغزير من السحاب لإنبات الزرع وإحياء الأرض. ومن الجدير بالذكر أن:
1. هذه الكلمة **لم ترد في القرآن إلا في هذا الموضع فقط** (سورة النبأ: 14)
2. وردت في السنة النبوية في حديث عن **أفضل أعمال الحج**، حيث قال النبي ﷺ: “أفضل الحج العج والثج”
– **العج**: رفع الصوت بالتلبية
– **الثج**: إراقة دماء الأضاحي والهدي بكثرة
تفسير “المعصرات” في الآية
اختلف المفسرون في معنى “المعصرات”:
1. **الرأي الأول**: أنها **السحاب** نفسه
2. **الرأي الثاني**: أنها **الرياح القوية** التي تعصر السحاب فتنزل منه الأمطار الغزيرة
أقوال المفسرين
تفسير الطبري
ذكر الإمام الطبري في تفسيره:
– “ثجاجا” تعني **الكثير المنصب المتتابع**
– نقلا عن ابن وهب: “كثيرا”
– وأشار إلى أن الاستعمال العربي للفظ “ثج” يركز على **الصب المتتابع** وليس مجرد الكثرة
تفسير ابن كثير
استشهد ابن كثير بحديث المستحاضة التي قالت للنبي ﷺ:
“إنما أثج ثجًا” (أي الدم ينزل منها **بكثرة واستمرار**)
مما يدل على استعمال الكلمة في **الانهمار المستمر**الدلالات العلمية والعبرة الإيمانية
1. **الدقة العلمية**: وصف نزول المطر **بالصب الغزير المتتابع** يتوافق مع الحقائق العلمية الحديثة عن تكون الأمطار
2. **النعمة الإلهية**: إنزال الماء الغزير من السماء من أعظم نعم الله على الخلق لإحياء الأرض بعد موتها
3. **البلاغة القرآنية**: اختيار كلمة “ثجاجا” التي تجمع بين معنى الكثرة والاستمرار في آن واحد
الخاتمة
تظهر هذه الآية الكريمة **إعجاز القرآن** في الدقة اللغوية والوصف العلمي، حيث جمعت في كلمة واحدة “ثجاجا” معاني:
– الغزارة
– الاستمرار
– الانهمار
– الكثرة
وهو ما يؤكد أن القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.