الجزء الثاني من قصة الشيخ البغدادي والجن “ الجزء الأول هنا ” …….و يقول الشيخ في احد الايام كنت و الشيخ الجريدي قد توقفنا عن التلاوة نرتاح قليلا ، فغلبني التعب و استسلمت للنوم ، و عندما استيقظت لم اجد احدا في المنزل ، و كانت الشمس قد غابت و حل الظلام ، فكنت في حيرة من امري ، و اذا بي اسمع همسات تاتي من شتى الاتجاهات ، و كنت كلما نظرت الى احد الغرف رايت ناسا يسترقون النظر في الظلام ، فكلما دخلت غرفة بسملت فلا اجد احدا ، فخرجت من المنزل ، و في الغد سألت الشيخ الجريدي عن سبب عدم ايقاظي ، فقال اني استأذنته بالعودة الى المنزل و غادرت قبله ، و قالت الام انها عادت فلم تجد احدا غير ابنها في المنزل .
الشيخ البغدادي والجن
و ظلت الاحداث الغريبة على حالها مهما تلونا من القرآن و دعينا من الدعاء .فيقول الشيخ البغدادي والجن في احد الليالي رأيت في منامي اني ادخل سردابا مظلما ضيقه كضيق القبر قرب منزل هذه العائلة ، لأفاجأ في الغد ان الشيخ الجريدي قد رأى في منامه مثلما رأيت ، فسألنا الام فقالت هذه الحفرة التي دخلها ابني قبل ان يختفي ، فتشاورت و الشيخ على ان ندخلها عسى ان نجد فيها ما يعيننا على هذا البلاء او ما يجيب عن تساؤلاتنا .

و بُعيْد صلاة الفجر في اليوم التالي ذهبنا و الام ترشدنا صوب السرداب ، فنزلت اولا ثم لحقني الشيخ بعد ان قلنا للام ان تنصرف الى منزلها ، و كان المكان مظلما و ضيقا ، كان معنا مصباح يدوي ولكن العجيب ان ضوءه لم يكن ينير المكان ابدا ، و كان السرداب منخفض السقف اذ عليك الانحناء لتتمكن من المشي ، و كنا نرا نورا آت من آخره .
فيقول الشيخ البغدادي والجن فضللنا نمشي لمدة لا تتجاوز العشر دقائق ، لنفاجأ عند خروجنا ان الصباح قد استحال ليلا و اننا في منطقة صحراوية قافرة ، و عندما نظرنا الى المخرج وجدناه وقد د..فنه الرمل ، حاول الشيخ الجريدي الحفر لكن بلا جدوى و كأن الحفرة لم يكن لها وجود ، فعرفنا ان هذا من فعل الجـ،ـن و ان هذا السرداب مدخل من مداخل عالم الجـ،ـن ، كانت كثبان الرمل تحيطنا من كل صوب عدى اتجاه واحد كنا نرى فيه منازل من الطين على مرمى البصر و كان يشع منها لهب النار ، فإتجهنا صوبها و قد كانت على مسافت ليست ببعيدة ، فاخذنا نسير و نحث الخطى ، ولكن كلما اقتربنا بعدت المنازل اكثر حتى انهكنا التعب .
و لكننا واصلنا السير و نحن نستغفر حتى بدأنا نقترب ، و ما ان اقتربنا حتى سمعنا زمير المزامير و قرع الطبول و غناء و كأنها الحيوانات تعوي ، و عندما وصلنا وجدنا أناسا عراااة يرقصون حول نار موقدة و لكن لم يكن لهم ظل ناتج عن ضوء النار و لم تكن اقدامهم تترك اثرا على الرمال فعرفنا انهم من الجـ،ـن ، اتى احدهم مسرعا و كان غريب الوجه غليظ الملامح و كأن ملامحه تغير مكانها ببطئ و قال اجلسوا.
فلم ننطق ، فيقول الشيخ هممت بالجلوس فبسملت فإختفى الضجيج لأجد اني جالس و رفيقي على حجر في الخلاء و قد اختفى كل من حولنا حتى المنازل ، فأخذنا نستغفر و تملّكنا الخوف ، و اذ بنا نسمع حوافر دابة ، فإلتفتنا خلفنا لنجد رجلا سمينا تكاد مطيّته تبرك من ثقله و كان يرتدي على رأسه تاجا من الخشب مرصعا بالحشرات ، يمتطي جملا اسود قاتم لا يشوبه لون غير السواد .
فقال الرجل و صوته يزلزل الأرض من تحتنا ، ما اتى بكما لهذا القفر اما علمتما انه محظور على بني آدم ؟فروينا له قصتنا ، فقال لا دخل لكما بهم فولدهم عليه ثأر فقد اتى على احدنا فآذاه ، و منزلهم ملك لنا قبلهم فأتوا و سكنوه ، و ما نحن الا امم امثالكم ، فإرجعو ادراجكم تكونو سالمين ..

فيقول الشيخ فما قدرنا على فعل شيء و قلنا له ان المدخل قد اختفى ، فقال ارجعا تجدوه و لا تنظرا الى الوراء ابدا فتكونا نادمين ، فرجعنا لنجد دابتا بجسم كلب و رأس انس تحفر في الارض ، و ما ان اتضح المخرج حتى خرج منه يجري ، فنزلت قبل الشيخ الجريدي مطأطأ الرأس اسير في الظلام و الشيخ يتبعني من خلفي حتى شارفنا على الخروج ، فسمعت الجريدي ينادي بإسم والدته و كأنه يسمعها تناديه و من ثم سمعت صراخه و سكن صوته فجأة ، فأبيت ان التفت و ظننته من فعل الجـ،ـن ، فخرجت و انتظرته طويلا ولكنه لم يخرج .
لم يظهر الإمام الجريدي بعد ذلك ابدا و شاعت الحكاية بين الناس و شرعوا في البحث عن الشيخ و لكن لم يفلح احد في العثور على السرداب و اختفى من الوجود ، و بعد فترة من الزمن تم هدم المنزل و تصدق الناس بأموالهم فبنوا جامعا في مكانه سمي جامع محمد الجريدي ، و اعطى احدهم منزلا للارملة و ابنائها ، و الغريب انه و بعد اشهر من هذه الحاادثة تم العثور على الشيخ عبد المجيد البغدادي مـ،ـيتا في منزله و النمل يأ.كل رأسه و اطرافه مخـ،ـ،ـ،ــلوعة من جسـ،ـده .
تم نقل القصة من موقع “كابوس” عن الكاتب الأصلي للقصة الأستاذ بقلم : آدم بوقطف – تونس bougatiadem@gmail.com.