الوضع الصحيح للجلوس على المرحـ.ـاض
في عصر الوجبات السريعة والضغوط اليومية، أصبح الإمساك ومشاكل الهضم من الأمراض الشائعة التي تطارد جيل الألفية. يرجع السبب الرئيسي إلى نمط الحياة العصرية الذي يتميز بالاعتماد على الوجبات الجاهزة الغنية بالدهون والفقيرة في الألياف، وانتشار الضغوط النفسية، وقلة النشاط البدني.
لكن المفاجأة الصادمة التي قد يغفل عنها الكثيرون هي أن المرحاض الذي نستخدمه يوميًا قد يكون شريكًا خفيًا في التسبب بهذه المشكلة المزعجة. وبمناسبة اليوم العالمي للمراحيض، نحاول فهم هذه العلاقة الغريبة.
محتــويات المقــال
المرحاض الغربي: تصميم مريح لكنه “معطل” للهضم!
مع انتشار التصميم الغربي للمراحيض (المقاعد المرتفعة)، تغيرت وضعية الجلوس أثناء قضاء الحاجة بشكل جذري. بينما يبدو هذا التصميم مريحًا لدعم الظهر والقدمين، إلا أن الدراسات تشير إلى أنه قد يكون وراء العديد من مشاكل الجهاز الهضمي.
فالجلوس بوضعية قائمة (90 درجة) يجبر المستخدم على ثني الوركين بينما يبقى الجذع مستقيمًا، مما يخلق ضغطًا غير طبيعي على الأمعاء. هذا الضغط يتسبب في صعوبة التبرز الطبيعي، ومع الوقت، لا يقتصر الضرر على الإمساك المزمن فحسب، بل قد يمتد ليشمل الإصابة بالبواسير، والتهاب الأمعاء، وحتى مشاكل في الدورة الدموية.
الوضعيات الخاطئة التي تزيد الطين بلة
بالإضافة إلى الوضعية الأساسية الخاطئة التي يفرضها التصميم الغربي، يلجأ الكثيرون – دون وعي – إلى وضعيات أخرى أثناء الجلوس ظنًا أنها تساعد في تسهيل العملية، لكنها في الحقيقة تزيد الأمر سوءًا. أشهر هذه الوضعيات هو ثني الجزء العلوي من الجسم للأمام أثناء الجلوس، بحيث تقترب الوركين من منطقة الصدر.
ورغم أن البعض قد يشعر براحة مؤقتة، إلا أن هذه الوضعية تزيد الضغط على الأمعاء وقد تؤدي إلى انسداد جزئي، وإمساك شديد، وآلام في منطقة الحوض والشرج على المدى الطويل.
الحل الأمثل: العودة إلى الطبيعة بوضعية “القرفصاء”
الحل العلمي الأمثل لتجنب هذه المشاكل يكمن في محاكاة الوضعية الطبيعية التي كان يستخدمها الإنسان منذ القدم، وهي وضعية القرفصاء. تعتمد هذه الوضعية على جلوس الشخص بزاوية 30 درجة تقريبًا، مما يسمح للوركين بالاسترخاء ويسهل استقامة القناة الهضمية والشرجية.
لتحقيق هذه الوضعية بسهولة على المراحيض الحديثة، يمكن استخدام كرسي بلاستيكي صغير أو “البرميل المخصص” (Squatty Potty) لوضع القدمين عليه، بحيث تكون الركبتان مرتفعتان بزاوية 90 درجة تقريبًا ومقتربتين من البطن.

هذه الوضعية تحقق عدة فوائد فورية:
-
تسهيل حركة الأمعاء: عن طريق إرخاء العضلة العاصرة الشرجية وتقليل الضغط على المستقيم.
-
الحماية من الإمساك: بتقليل الحاجة إلى الدفع الشديد أثناء التبرز.
-
الوقاية من البواسير: بسبب انسيابية العملية وعدم الحاجة إلى بذل مجهود كبير.
خلاصة: تغيير بسيط لعادات صحية أفضل
في النهاية، المشكلة ليست في المرحاض نفسه، بل في كيفية استخدامه. بتعديل بسيط في وضعية الجلوس، يمكننا تحويل هذا المكان من مصدر محتمل للمشاكل الصحية إلى أداة مساعدة على تحقيق صحة هضمية أفضل. إنها دعوة للعودة إلى الوضعيات الطبيعية التي صمم جسم الإنسان ليعمل بها بكفاءة، بعيدًا عن تأثيرات التكنولوجيا والتصميمات التي قد لا تتناسب مع تركيبنا البيولوجي.





