إسلاميات

ما حكم إعطاء الزكاة لأحد الأقارب وتحديدا للأخت؟

تعتبر الزكاة ركناً من أركان الإسلام، وهي ليست مجرد إخراج لجزء من المال، بل هي تطهير للنفس والمال، وإعادة توزيع للثروة بين أفراد المجتمع. ومن أعظم مواضع صرف الزكاة عندما تجمع بين فائدتين عظيمتين: العبادة وصلة الرحم. فإعطاء الزكاة للقريب المحتاج يمحو الذنوب، ويسد حاجة الفقير، ويقوي أواصر الأسرة، مما يجعل أجرها مضاعفاً.

الحكم الأول: جواز دفع الزكاة للإخوة والأخوات الفقراء

السؤال: هل يجوز للرجل أو المرأة أن يدفع زكاته لأخيه أو أخته إذا كانا محتاجين، حتى لو كانا يعملان ولكن دخلهما لا يكفيهما للنفقة الأساسية؟

الجواب والتفسير:
نعم، يجوز شرعاً للرجل أو المرأة دفع زكاتهما إلى الأخ أو الأخت إذا توافرت فيهما شروط استحقاق الزكاة، وأهمها الفقر أو الحاجة.

  • معنى “الحاجة” هنا: لا يشترط أن يكون الأخ أو الأخت عاطلين تماماً عن العمل. بل إذا كان دخلهما لا يغطي ضروريات الحياة من مأكل، وملبس، ومسكن، وتعليم، وعلاج، ونحو ذلك، فإنهما يعتبران من “الفقراء” أو “المساكين” المستحقين للزكاة. فالعبرة بعدم كفاية الدخل، وليس بعدم وجوده.

  • الأجر المترتب: إعطاء الزكاة للأخ أو الأخت يجمع بين أجرين:

    1. أجر الزكاة: لامتثال أمر الله تعالى.

    2. أجر صلة الرحم: لقول النبي ﷺ: “الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة” (رواه الترمذي والنسائي). أي أن الصدقة على القريب لها فضل مضاعف لأنها صدقة وصلة في آن واحد.

الحكم الثاني: جواز دفع الزكاة للعم والعمة وسائر الأقارب

السؤال: هل تمتد هذه الرخصة إلى الأعمام والعمات وغيرهم من الأقارب؟

الجواب والتفسير:
نعم، يستحب بل هو أولى دفع الزكاة للعم أو العمة أو أي قريب من الأصول (كالجدة) أو الفروع (كابن الأخ) أو الحواشي (كأولاد الأعمام)، بشرط أن يكونوا فقراء أو مساكين.

  • التفضيل في الصرف: الأقارب الفقراء أولى بالزكاة من غيرهم، لأن في ذلك سداً لحاجتهم وحفظاً لكرامتهم، وصوناً لروابط الأسرة من التصدع. فبدلاً من ذهاب القريب لطلب المساعدة من الغرباء، يكون أخوه أو ابن عمه هو ملاذه، مما يزيد المودة والألفة.

الحكم الثالث: تحريم دفع الزكاة للوالدين والأولاد

الاستثناء الهام والأصل فيه:

مع جواز دفع الزكاة لمعظم الأقارب، هناك استثناء واضح وصريح، وهو تحريم دفع الزكاة للوالدين والأولاد.

  • الوالدان: يشمل ذلك الأب والأم، والجدود والجدات من جهة الأب والأم.

  • الأولاد: يشمل ذلك الأبناء والبنات، وأبناء الأبناء وأبناء البنات.

السبب في هذا التحريم:

  • الواجب الأصلي: النفقة على الوالدين والأولاد الفقراء هي واجب أصلي على الشخص من ماله الخاص، وليست من باب الزكاة. فإذا كان الابن غنياً وأبوه فقيراً، فإن الواجب الشرعي يقتضي أن ينفق الابن على أبيه من ماله، لأن الأب كان ينفق عليه وهو صغير.

  • الزكاة بدل عن النفقة: دفع الزكاة لهم يعتبر كأنه يسقط الواجب الأصلي (النفقة) بمال الزكاة، وهذا غير جائز. فهو أشبه بأن يدفع الإنسان لنفسه، حيث أن مال الابن يعتبر امتداداً لمال الأب في حكم النفقة، والولد هو جزء من أبيه.

  • المنطق الشرعي: الشرع الحكيم جعل النفقة على الأقارب المباشرين مسؤولية شخصية، بينما جعل الزكاة نظاماً للتكافل الاجتماعي الأوسع. فإذا أعطى الرجل زكاته لولده الفقير، فإنه في الحقيقة لم يخرجها من ملكه، بل حولها من جيب إلى جيب داخل الأسرة الواحدة، مما يخل بالغرض الاجتماعي للزكاة.

الخلاصة: يجب على المسلم أن ينفق على والديه وأولاده الفقراء من ماله الخاص إذا كان قادراً، ولا يجوز له أن يدفع لهم من زكاة ماله.

الخاتمة: التوفيق بين الفريضة والبر

من حكمة الشريعة الإسلامية أنها شجعت على دفع الزكاة للأقارب، وجعلت فيها أجراً مضاعفاً، كما وضعت حدوداً واضحة تحفظ كل حق في موضعه. فجمعت بين إقامة فريضة الزكاة وتحقيق معنى صلة الرحم، مع التأكيد على أن بعض المسؤوليات، كالنفقة على الوالدين والأولاد، تظل واجبةً من المال الشخصي، تأكيداً على روابط الأسرة ومكانتها في الإسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى