مسؤول سوري: نتواصل مع الإنتربول لتسليم بشار وماهر الأسد
قطع مسؤول عدلي سوري رفيع المستوى وعوداً بمحاسبة رموز النظام السوري السابق، وعلى رأسهم بشار الأسد، وشقيقه ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري، بالإضافة إلى عدد من أفراد أسرة الأسد، وكل “من أجرم بحق الشعب السوري”، وفق تعبيره.
وكشف عبد الباسط عبد اللطيف، رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا، التي شُكلت بأمر من الرئيس أحمد الشرع، في حديث خاص لـ “العربية.نت”، عن فتح جسور تواصل مع الإنتربول وجميع الهيئات الدولية المعنية، بهدف ملاحقة الجناة من أسرة الأسد وغيرهم من الهاربين ممن ثبت تورطهم في ارتكاب انتهاكات بحق الشعب السوري.
ولم يستثنِ عبد اللطيف محاسبة المتورطين من الميليشيات العابرة للحدود، ومنها أعضاء من حزب الله اللبناني، ممن ثبت تورطهم في “الدم السوري”. كما ألمح إلى احتمال محاسبة كل من دعم أو برر عمليات القتل بحق الشعب السوري على مدى أكثر من 14 عاماً.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته “العربية.نت” مع رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا:
محتــويات المقــال
محاسبة مجرمي أسرة الأسد
– ربما السؤال الملح الذي يدور في خلد السوريين الذي يمكن أن نبدأ به حوارنا؛ هو هل تعتزمون بناء جسور مع منظمة الإنتربول لملاحقة المجرمين خارج سوريا؟
نعم، نحن نعمل على بناء جسور مع الإنتربول وكافة الهيئات الدولية المعنية، لملاحقة الجناة من أسرة المجرم بشار وشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة ذات السمعة السيئة وغيرها، بالطرق القانونية، ليصار إلى محاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب السوري بكافة أطيافه ومدنه.
– حتى إن كانوا هاربين خارج الدولة… كيف سيتم محاسبتهم؟
نعم، سيتم العمل على أن يُحاسب رموز النظام السابق الذين ارتكبوا الانتهاكات وملاحقتهم بالطرق القانونية، وإن كانوا فارين خارج البلاد.
كشف الحقائق وأخذ الحقوق
– تعتبر هيئة وليدة، هل لنا أن نعرف شكل الهيئة وآليات عملها ومستهدفاتها؟
بالنسبة لشكل الهيئة، فهي كما عرّفها المرسوم رقم 20 الصادر عن رئيس الجمهورية العربية السورية بتاريخ 17/5/2025، هيئة وطنية ذات شخصية اعتبارية تتمتع باستقلال مالي وإداري، تُعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب بها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.
تحقيق العدالة
– تم تأسيس الهيئة على مبدأ تحقيق العدالة الانتقالية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.. كيف سيتم تحقيق العدالة الانتقالية؟
سيتم تحقيق العدالة الانتقالية وفق المواد 48 و49 من الإعلان الدستوري، ومنطوق المرسوم الجمهوري القاضي بإحداث الهيئة، من خلال آليات محددة ستتبعها الهيئة في عملها، ومن خلال اللجان التي ستشكل لهذه الغاية.
ضحايا حقوق الإنسان
– ومن المقصود بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان؟
المقصود بالضحايا هم ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن فقد حياته، ومن تعرض لإعاقة، والعائلة التي فقدت معيلها، ومن دمر منزله، ومن تعرض للتعذيب في معتقلات النظام، والإخفاء القسري والإبادة. فكلهم ضحايا إجرام النظام وأدواته.
– وستتقاضون من مَن؟
سنقاضي، وفق نص المرسوم، كل من تسبب بانتهاكات جسيمة بحق السوريين من النظام البائد وأعوانه.
جبر الضرر ودعم مادي ومعنوي
– كيف لكم تحقيق جبر الضرر الواقع على الضحايا وضمان حقوقهم؟
بالنسبة لجبر الضرر، فقد يكون جماعياً أو فردياً، وقد يكون مادياً أو معنوياً. وسنعمل على إنشاء صندوق لجبر الضرر لتعويض الضحايا، وهذا ما يحتاج لمجهود دولي نظراً لجسامة الأضرار التي وقعت على السوريين. وكذلك بالنسبة لجبر الضرر المعنوي، فنحن بحاجة إلى مساندة الضحايا، ودعمهم نفسياً واجتماعياً، والعمل على إعادة إدماجهم في المجتمع والتخفيف عن الآلام التي تعرضوا لها.
الجميع تحت طائلة القانون
– وماذا عن بقية أسرة الأسد؟
سنعمل جاهدين على تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين بحق الشعب السوري أياً كانوا، وكل من يثبت تورطه بانتهاكات جسيمة بحق السوريين، بغض النظر عن هويته أو انتمائه.
محاسبة الجميع
– كان هناك دعم لنظام بشار الأسد من مؤسسات ورجال أعمال وغيرهم.. هل هؤلاء ضمن دائرة المحاسبة ومقاضاتهم دولياً أيضاً؟
نعم، المحاسبة والمساءلة، كما وردت بنص المرسوم، ستشمل كل من تسبب بانتهاكات جسيمة بحق السوريين، وبالطرق القانونية. وقد جرمت المادة 49 من الإعلان الدستوري كل من لم ينكر الإبادة التي قام بها نظام الأسد، أو يؤيدها ويدعمها ويبررها. وبالتالي، لن تكون المحاسبة مقتصرة على الجيش فقط والأجهزة الأمنية التي قمعت ونكلت بالسوريين.
– بمعنى أن محاسبتكم لن تتمحور حول الجيش أو المحسوبين على النظام من آلته العسكرية، بل ربما تطال غيرهم ممن ساندوا نظام الأسد؟
كل من يثبت تورطه بالجرائم والانتهاكات والتحريض على الشعب السوري، وتسبب بانتهاكات جسيمة بحق السوريين، وتبرير جرائم النظام، من المفروض أن تطاله يد العدالة، وينال جزاءه العادل. لذلك، سنسعى لعدم إفلات أي شخص أو جهة حرضت وبررت الانتهاكات والجرائم ضد السوريين.
عدم التكرار وإصلاح القضاء
– كيف يمكن ترسيخ مبادئ عدم التكرار المذكورة في بنود تأسيس الهيئة؟
يمكن ترسيخ مبادئ عدم التكرار بالهيئة من خلال التأكيد على إصلاح مؤسسة القضاء وإعادة هيكلتها، نظراً لما كان يعتريها من ظلم وفساد، وكذلك السجون وإدارتها والمؤسسات العسكرية والأمنية، بحيث تترسخ فيها المحافظة على حقوق الإنسان، وتجنب أي انتهاك، وإرساء مبدأ سيادة القانون.
أحداث الساحل والسويداء
– هل سيشمل عملكم ما حدث في الساحل ومحافظة السويداء؟
العدالة الانتقالية تعنى بالانتهاكات والجرائم الجسيمة التي تسبب بها النظام البائد قبل تاريخ 8/12/2024. وبالنسبة لما حدث في الساحل والسويداء، فقد صدرت قرارات بتشكيل لجان خاصة بالتحقيق بما جرى، وقدّمت وستقدم نتائج أعمالها للجهات الرسمية بالدولة، وستتم محاسبة الجناة وفق القانون. لذلك، لا علاقة لهيئة العدالة الانتقالية بذلك.
توثيق الجرائم ووثائق جديدة
– هل لديكم وثائق عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري خلال النظام السابق، وهل لديكم إحصائية بعدد المستهدفين؟
عملت منظمات دولية ومنظمات مجتمع مدني سورية بعد انطلاق الثورة على توثيق جرائم وانتهاكات النظام، وعن الكثير من المجرمين الذين مارسوا القتل والتعذيب، سواء كانوا قادة عسكريين أو أمنيين أو مدنيين. ومن خلال الوثائق التي عُثر عليها أيضاً في الوحدات العسكرية والأمنية والسجون، توفرت معلومات كثيرة عن هؤلاء المجرمين، وسنعمل على محاسبتهم وفق القانون.
– وهل لديكم قوائم خاصة بالمتضررين؟ وكيف سيتم تعويضهم؟
بالنسبة للمتضررين، فهنالك هيئات دولية ومنظمات مجتمع مدني وثقت الكثير من الضحايا والمتضررين، وهي مستعدة لتقديمها للهيئة ليصار إلى العمل على تعويضهم مادياً ومعنوياً.
الاستفادة من التجارب السابقة
– متى سترى الهيئة النور رسمياً من حيث الهيكلة والكيان الإداري؟
عملت الهيئة خلال الفترة السابقة على إجراء العديد من اللقاءات والمشاورات مع الضحايا وممثليهم، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات والمنظمات الدولية ذات الشأن، وطيف واسع من الأكاديميين والحقوقيين، والشخصيات الوطنية. كما اطّلعت على تجارب العديد من الدول التي مرت بتجارب العدالة الانتقالية، وأنهت إعداد نظامها الداخلي، وتشكيل فريق عملها ومدونة سلوك لأعضائها والعاملين فيها. ولم يبقَ سوى القليل من التحضيرات اللوجستية والإدارية، وسينطلق عملها بكافة أنحاء الجمهورية العربية السورية إن شاء الله.
الرسالة الأخيرة
– أخيراً.. ما رسالتكم للسوريين؟
رسالتي لأهلنا السوريين هي أن نقف جميعاً، بكافة أطيافنا وأعراقنا، مطالبين بكشف الحقيقة، ومحاسبة المجرمين كافة دون استثناء لأحد، وإنصاف الضحايا، لطي صفحة الماضي، والمضي نحو دولة المواطنة المتساوية، وإعمال مبدأ سيادة القانون، حتى تتخلص سوريا من عهود الظلم والاستبداد.