اكتشاف مخزون نفطي هائل في دولة فقيرة
تتصدر الاكتشافات النفطية الأخيرة في جمهورية غويانا Guyana ، الدولة الصغيرة الواقعة في أمريكا الجنوبية والمجاورة لفنزويلا وسورينام والبرازيل، عناوين الأخبار الاقتصادية العالمية. فقد أشار صندوق النقد الدولي في تقرير صدر مؤخراً إلى أن اقتصاد غويانا سيشهد أعلى معدل نمو في العالم عام 2024، بنسبة مذهلة تصل إلى 86%، أي ما يعادل 14 ضعفاً من معدل النمو المتوقع للاقتصاد الصيني في العام نفسه.
محتــويات المقــال
اكتشافات نفطية تسيل اللعاب
بدأت قصة النفط في غويانا Guyana عام 2015، عندما تم اكتشاف احتياطيات ضخمة في المياه الإقليمية للبلاد. وتقود عمليات الاستكشاف والإنتاج شركة إكسون موبيل (ExxonMobil) الأمريكية، التي قدرت الاحتياطيات المكتشفة حتى الآن بأكثر من 5.5 مليار برميل، مع وجود 12 حقلاً نفطياً تم تحديدها، مما يشير إلى إمكانية اكتشاف المزيد في المستقبل القريب.
ومن المقرر أن تبدأ غويانا Guyana الإنتاج التجاري للنفط في ديسمبر 2023، مما سيجعلها واحدة من أحدث اللاعبين في سوق الطاقة العالمية. وتشير التوقعات إلى أن إنتاج البلاد سيصل إلى 750 ألف برميل يومياً بحلول عام 2025، وهو رقم ضخم بالنسبة لدولة يبلغ عدد سكانها 780 ألف نسمة فقط.
تأثير النفط على اقتصاد غويانا: من الفقر إلى الثراء؟
حالياً، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لغويانا حوالي 4 مليارات دولار، لكن التقديرات تشير إلى أن العائدات النفطية قد تضخ أكثر من 250 مليار دولار في الخزينة العامة خلال السنوات المقبلة. وقد توقع السفير الأمريكي في غويانا، بري هولواي (Perry Holloway)، أن يرتفع الناتج المحلي بنسبة 300% إلى 1000% بحلول عام 2025، مما قد يجعلها أغنى دولة في نصف الكرة الغربي، وربما في العالم بأكمله.
ومع ذلك، فإن هذه الطفرة الاقتصادية تأتي مع تحديات كبيرة. فغويانا، التي كانت مستعمرة بريطانية حتى عام 1966، لا تزال تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية عميقة، بما في ذلك:
-
تفشي الفساد: تحتل غويانا المرتبة 93 في مؤشر الشفافية العالمي، مما يعكس انتشار الفساد في مؤسسات الدولة.
-
ارتفاع معدلات الفقر والبطالة: على الرغم من الثروة النفطية المرتقبة، لا يزال جزء كبير من السكان يعيش تحت خط الفقر.
-
النزاعات الحدودية: تدعي كل من فنزويلا وسورينام أن أجزاء كبيرة من أراضي غويانا تابعة لها، مما يخلق توترات سياسية قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.
هل ستكون غويانا “السعودية الجديدة”؟
يقارن بعض الخبراء بين غويانا Guyana ودول الخليج، حيث يمكن أن تتحول هذه الدولة الصغيرة إلى قوة نفطية كبرى إذا تم إدارة عائدات النفط بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن التاريخ يظهر أن الثروة النفطية وحدها لا تكفي لضمان التنمية المستدامة، كما هو الحال في بعض الدول الأفريقية الغنية بالموارد التي عانت من “لعنة النفط”.
الخلاصة: فرص وتحديات
إذا استطاعت غويانا تجنب الفساد وضمان توزيع عادل للثروة، فقد تشهد تحولاً اقتصادياً غير مسبوق، مما يجعلها نموذجاً جديداً للدول النفطية الصاعدة. لكن إذا فشلت في معالجة مشاكلها الهيكلية، فقد تتحول الثروة النفطية إلى مصدر للصراعات وعدم الاستقرار.
السؤال الآن: هل ستنجح غويانا في استغلال هذه الفرصة الذهبية، أم ستقع في فخ “لعنة النفط”؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.