منوعات

كنت مفكرها بسكوتة عادية لاحقة التريند بس تفاجئت لما فتحتها وشفت

في أحد أيام عام 2013، بينما كنت أتجول في أحد أسواق دمشق، لفتت نظري بسكويتة ذات غلاف مميز يحمل علم الثورة السورية. اعتقدت في البداية أنها مجرد محاولة تسويقية ذكية للترويج لمنتج جديد في ظل الأجواء السياسية التي كانت تعيشها البلاد. اشتريتها بدافع الفضول، راغباً في تجربة طعمها ودعم المنتجات المحلية التي بدت وكأنها تعبر عن موقف معين.

لكنني لم أكن أعلم أن هذه البسكويتة العادية ستكون بداية تحول جذري في حياتي.

المفاجأة داخل العبوة: أكثر من مجرد حلوى

ما إن فتحت العبوة حتى تفاجأت بورقة صغيرة ملفوفة بعناية بداخلها. في البداية ظننتها مجرد ورقة دعائية أو كلمة شكر من الشركة المصنعة. لكن عند فتحها، اكتشفت أنها قسيمة هدية تحتوي على كود خاص، مع تعليمات توضح أنه يمكن استبداله بجائزة عبر موقع إلكتروني قطري.

شعرت بمزيج من التشويق والشك. تساءلت: هل هذه مزحة؟ هل يمكن أن يكون هناك فعلاً جائزة حقيقية؟ لكن فضولي تغلب على شكوكي.

الكود السحري: بوابة نحو فرصة غير متوقعة

دخلت الموقع الإلكتروني المذكور وأدخلت الكود، لتفاجأني رسالة تهنئة تعلن أنني ربحت جائزة عبارة عن ماكينة لضغط السكر وتحويله إلى مكعبات، من تلك المستخدمة في المقاهي والمطاعم. كانت الجائزة تبدو غريبة بعض الشيء، لكنها أثارت اهتمامي.

بعد أيام قليلة، وصلتني الماكينة عبر خدمة شحن مجانية. كانت صغيرة الحجم (50×50 سم)، لكنها بدت متقنة الصنع وسهلة الاستخدام. حملتها بين يديّ متسائلاً: ماذا يمكنني أن أفعل بهذه الآلة؟

من جائزة إلى مشروع: ولادة فكرة

بدأت أفكر خارج الصندوق. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها البلاد، والأسعار المرتفعة لمكعبات السكر الجاهزة، خطرت لي فكرة: لماذا لا أصنع المكعبات بنفسي وأبيعها للمقاهي؟

اشتريت كميات من السكر الخام وبدأت التجربة. كانت النتائج مبهرة! المكعبات المنتجة كانت ذات جودة عالية، والتكلفة أقل بكثير من المنتجات الجاهزة في السوق.

الانطلاق: أولى خطوات النجاح

بجرأة، توجهت إلى بعض المقاهي في حيّي وعرضت عليهم منتجي. لاقت الفكرة ترحيباً كبيراً، خاصة أنني كنت أقدم أسعاراً تنافسية وجودة ممتازة. بدأ الطلب يتزايد تدريجياً، وتحولت من مجرد هاوٍ إلى صاحب مشروع صغير.

مع مرور الأشهر، توسعت في العمل. اشتريت مواد خام بكميات أكبر، وحسّنت من عملية التغليف، وبدأت أستهدف مطاعم ومقاهٍ في مناطق مجاورة. الأرباح بدأت تتضاعف، والأهم من ذلك أنني وجدت نفسي أعمل في مجال أستمتع به ويوفر لي دخلاً جيداً.

الدروس المستفادة: أكثر من مجرد ماكينة سكر

هذه التجربة علمتني دروساً ثمينة:

  1. الفرص تأتي في أشكال غير متوقعة: من كان يظن أن بسكويتة عادية يمكن أن تكون بوابة لحياة جديدة؟

  2. الجرأة على التجربة: لو لم أجرّب إدخال ذلك الكود، لضاعت مني هذه الفرصة.

  3. الإبداع في الأزمات: الظروف الصعبة يمكن أن تكون محفزاً للابتكار وخلق حلول جديدة.

الحياة اليوم: مشروع مزدهر ورؤية مستقبلية

اليوم، بعد سنوات من تلك اللحظة، تحول مشروعي الصغير إلى مصدر دخل أساسي. زادت طاقتي الإنتاجية، ووسعت نطاق عملي، وأفكر حالياً في تطوير المشروع ليشمل منتجات أخرى مرتبطة بالمشروبات.

كلما نظرت إلى ماكينة ضغط السكر تلك، أتذكر تلك البسكويتة الصغيرة وأبتسم. لقد كانت أكثر من مجرد حلوى – كانت رسالة مفادها أن التغيير الكبير يمكن أن يبدأ من أشياء صغيرة جداً، وأن الحظ قد يختبئ في أبسط الأماكن، إذا امتلكنا العين التي ترى والجرأة التي تستثمر.

في النهاية، لم تكن تلك مجرد قصة عن بسكويتة محظوظة، بل كانت قصة عن كيف يمكن للفضول والمبادرة أن يحولا المفاجآت البسيطة إلى تحولات حياتية كبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى