اللبأ هو أول سائل تنتجه الغدد الثديية لدى الثدييات، بما في ذلك الإنسان، ويعد بمثابة “الجرعة المناعية” الأولى للمولود. يبدأ إنتاجه قبل الولادة ويستمر لفترة قصيرة تتراوح من 2 إلى 5 أيام فقط بعد الولادة. يليه إنتاج “الحليب الانتقالي” لمدة أسبوعين تقريباً، وهو مزيج بين اللبأ وحليب الثدي الناضج، قبل أن يبدأ إنتاج الحليب العادي.
محتــويات المقــال
الخصائص الفريدة: الشكل والملمس
يتميز اللبأ بصفات فيزيائية تجعله مختلفاً بوضوح عن حليب الأم العادي:
-
اللون: يميل لونه إلى الأصفر أو الذهبي بسبب احتوائه على نسبة عالية من البيتا-كاروتين (مقدمة فيتامين أ)، وقد يكون أحياناً شفافاً.
-
القوام: يكون سميكاً ولزجاً بسبب تركيزه العالي جداً بالعناصر الغذائية والبروتينات المناعية مقارنة بحليب الأم الناضج الأقل كثافة.
كنز من العناصر الغذائية: لماذا يُسمى “الذهب السائل”؟
يحتوي اللبأ على تركيز مكثف من المكونات الأساسية التي تجعله غذاءً فريداً:
-
مغذيات أساسية أعلى: مستويات البروتين والدهون الصحية والكربوهيدرات والمعادن (مثل المغنيسيوم) والفيتامينات (أ، ج، هـ) تكون أعلى مقارنة بالحليب العادي.
-
مركبات بروتينية حيوية:
-
اللاكتوفيرين: بروتين يساعد في محاربة البكتيريا والفيروسات ويدعم صحة الأمعاء.
-
عوامل النمو: هرمونات مثل “عامل النمو الشبيه بالأنسولين” (IGF-1 & 2) تحفز نمو وتطور أنسجة وأعضاء المولود.
-
الأجسام المضادة (الغلوبولينات المناعية): أهمها IgA, IgG, IgM، وهي خط الدفاع الأول الذي يحمي الطفل من مسببات الأمراض.
-
فوائد اللبأ الجوهرية للمولود الجديد
تكمن القيمة الحقيقية لللبأ في فوائده الحيوية التي تُشكل حجر أساس لصحة الطفل:
-
حصن مناعي فوري: يزود المولود بتركيز عالٍ من الأجسام المضادة، تحميه من العدوى في أيامه الأولى عندما يكون جهازه المناعي غير مكتمل.
-
سهل الهضم: على الرغم من كثافته، فإن محتواه المنخفض من اللاكتوز والسكريات مقارنة بالبروتين يجعله أسهل في الهضم لأمعاء الطفل حديث الولادة غير الناضجة.
-
الوجبة المثالية المركزة: يقدم عناصر غذائية عالية الجودة في حجم صغير، مما يناسب حجم معدة الطفل الصغير ويشعره بالشبع.
-
مُلين طبيعي: يحفز حركة الأمعاء ويساعد الطفل على إخراج العقي (البراز الأول)، مما يساعد على التخلص من البيليروبين الزائد ويقي من اليرقان.
-
سدادة معوية وقائية: الأجسام المضادة (خاصة IgA) تغطي بطانة الأمعاء غير المكتملة، تشكيل طبقة واقية تمنع دخول الجراثيم وتقلل من خطر الحساسية والأمراض المناعية لاحقاً.
اللبأ الحيواني: فوائد علاجية للكبار
يُستخدم لبأ البقر (والماعز) تجارياً لفوائده الصحية الواسعة، لكن يجب التأكد من جودة مصدره وطريقة حفظه:
-
دعم المناعة وعلاج الإسهال: يساعد في مكافحة الالتهابات وعلاج الإسهال المزمن أو المرتبط بالعدوى.
-
حماية الجهاز الهضمي: يقلل الضرر الناجم عن الأدوية المسكنة (مضادات الالتهاب غير الستيرويدية) على المعدة والأمعاء.
-
تعافي الجلد والبشرة: نظراً لغناه بعوامل النمو، فهو يساعد على:
-
التئام الجروح وعلاج حروق الشمس.
-
ترطيب البشرة وتهدئة التهيج.
-
مكافحة حب الشباب وتقليل التجاعيد عبر تحفيز إنتاج الكولاجين.
-
-
دعم ما بعد العمليات: يخفض مؤشرات الالتهاب (مثل بروتين سي التفاعلي) ويساعد في إعادة بناء العظام.
إرشادات هامة ونقاط استثنائية
-
تطمين للأمهات: الكمية القليلة المنتجة من اللبأ كافية تماماً لاحتياجات المولود. مؤشر الشبع والصحة الجيد هو تبليل الطفل 6 حفاضات على الأقل يومياً.
-
الحالات النادرة للامتناع عن الإرضاع:
-
تناول الأم أدوية ضارة تفرز في الحليب.
-
إصابة الأم بعدوى نشطة (مثل التهاب الثدي البكتيري أو السل الرئوي).
-
وجود مشاكل خلقية لدى الطفل تمنع البلع (مشاكل في الحنك أو القلب).
-
-
تحذير للحامل والمرضع: لا توجد أدلة كافية حول سلامة تناول مكملات اللبأ البقري خلال فترتي الحمل والرضاعة، لذا يوصى بتجنبها.
الخلاصة
اللبأ ليس مجرد حليب، بل هو لقاح طبيعي ووجبة حيوية لا تعوض. تشجيع جميع الأمهات على إرضاع أطفالهن اللبأ، حتى لو كن لا يخططن للاستمرار في الرضاعة الطبيعية، هو هدية ثمينة تمنح الطفل بداية قوية وصحية للحياة.





