أفراد هذه القبيلة يعيشون أكثر من 100 سنة دون أن يصابوا بالسرطان لأنهم يتناولون بذوراً نرميها !
لطالما أثارت قبيلة الهونزا (Hunza) في شمال باكستان اهتمام الباحثين والمهتمين بالصحة حول العالم. تشير الروايات إلى أن أفرادها يعمرون طويلاً، ويتجاوزون المئة عام، مع مناعة استثنائية ضد أمراض العصر مثل السرطان. بينما تسلط هذه القصة الضوء على أهمية نمط الحياة، إلا أن تفسيرها بواسطة “فيتامين B17” وحده يعد تبسيطاً مفرطاً لقصة صحية أكثر تعقيداً.
محتــويات المقــال
فيتامين B17: الاسم المضلل والجذور التاريخية
ما يُشار إليه شعبياً باسم “فيتامين B17” هو في الواقع ليس فيتاميناً حقيقياً معترفاً به من قبل الهيئات الطبية. اسمه العلمي هو “أميغدالين” (Amygdalin)، وهو مركب كيميائي يوجد بشكل طبيعي في بذور أو نوى بعض الفواكه مثل المشمش واللوز المر والتفاح والكرز.
تم عزل هذا المركب لأول مرة في أوائل القرن التاسع عشر. لاحقاً، في الخمسينيات، قام الطبيب إرنست تي كريبس الابن (Dr. Ernst T. Krebs Jr.) بتعديله كيميائياً وأطلق عليه اسم “لايتريل” (Laetrile)، وادعى أنه فعال في علاج السرطان.
إضافة : من المهم التمييز بين “الأميغدالين” الطبيعي و”اللايتريل” الاصطناعي، فالأخير هو الشكل الذي تم تسويقه بشكل رئيسي كعلاج، وقد تم منعه في العديد من البلدان بسبب عدم فعاليته المثبتة ومخاطره المحتملة.
نمط حياة الهونزا: السر الحقيقي وراء طول العمر والصحة
يعيش شعب الهونزا في وادي معزول، وتشير الدراسات الأنثروبولوجية إلى أن نظامهم الغذائي ونمط حياتهم هما العاملان الأساسيان لصحتهم المميزة. نظامهم الغذائي نباتي في غالبيته، ويعتمد على الفواكه والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة.
كما أنهم يمارسون نشاطاً بدنياً كبيراً بسبب تضاريس منطقتهم الجبلية، ويستهلكون أطعمة مخمرة غنية بالبروبيوتيك، ويشربون مياه الأنهار الجليدية الغنية بالمعادن.
إضافة ومهمة: لم تثبت أي دراسة علمية موثقة أن شعب الهونزا يستهلك كميات هائلة (250-3000 ملغ) من الأميغدالين يومياً. بينما من المحتمل أنهم يتناولون بعض بذور المشمش كجزء من تراثهم الغذائي، فإن الاعتقاد بأنها “غذاؤهم الرئيسي” هو مبالغة. سر صحتهم هو النهج الشامل، وليس “حبة سحرية” واحدة.
آلية العمل المزعومة: القنبلة الذكية Selective Toxicity التي لم تثبت
تستند الفرضية خلف استخدام اللايتريل كعلاج للسرطان على ما يسمى “السمية الانتقائية”. النظرية تقول:
-
يتكون مركب الأميغدالين من جزيئتي سكر (غليكوز) مرتبطتين بجزيئات من البنزالدهيد (benzaldehyde) و السيانيد (cyanide).
-
عند دخول الجسم، يُقال إن إنزيماً يسمى بيتا-جلوكوسيداز (beta-glucosidase)، الموجود بكميات كبيرة جداً داخل الخلايا السرطانية فقط، يقوم بتفكيك المركب.
-
هذا التفكيك يطلق سمي السيانيد والبنزالدهيد داخل الخلية السرطانية فتقضي عليها، بينما تبقى الخلايا السليمة آمنة بسبب انخفاض مستوى هذا الإنزيم لديها.
إضافة ونقدية: المشكلة في هذه النظرية أنها فشلت في إثبات نفسها معملياً وعلى البشر. الدراسات السريرية التي أجرتها المعاهد الوطنية للصحة (NIH) في الولايات المتحدة لم تجد أي فعالية للايتريل في علاج السرطان.
والأخطر من ذلك، أن إنزيم بيتا-جلوكوسيداز موجود أيضاً في بكتيريا الأمعاء وبكميات صغيرة في جميع خلايا الجسم، مما يعني أن السيانيد يمكن أن يتحرر في أي مكان ويسبب تسمماً نظامياً.
المخاطر والجدل: لماذا يتم منعها؟
السبب الرئيسي لمنع مكملات اللايتريل في معظم الدول المتقدمة هو السلامة وعدم الفعالية. السيانيد مادة سامة قوية يمكن أن تسبب:
-
الغثيان والقيء.
-
الصداع والدوخة.
-
تلف الكبد.
-
انخفاض ضغط الدم.
-
تلف الأعصاب.
-
الغيبوبة والموت.
إضافة حصرية: الجرعات المذكورة في المقالات الشعبية (مثل 35 حبة في اليوم) تعتبر خطيرة للغاية ويمكن أن تؤدي إلى التسمم بالسيانيد. لا توجد هيئة طبية موثوقة في العالم تسمح بتناول مثل هذه الكميات لأي غرض كان.
الخلاصة: دعوة للتوازن والوعي
قصة شعب الهونزا تذكرنا بقوة الطبيعة وأهمية نمط الحياة الصحي. ومع ذلك، فإن الاعتماد على مركب سام وغير مثبت الفعالية مثل اللايتريل لمحاربة مرض معقد مثل السرطان هو أمر غير حكيم وقد يكون قاتلاً.
إضافة ختامية: بدلاً من البحث عن حلول سحرية وخطيرة، يمكننا استلهام الدروس الحقيقية من حياة الهونزا: الاعتماد على نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة الطبيعية من الفواكه والخضروات الكاملة، وممارسة النشاط البدني المنتظم، وإدارة التوتر، والعيش في بيئة نظيفة.
هذه العوامل مجتمعة هي “السر” الحقيقي الذي يدعم صحة الجسم ويقوي مناعته الطبيعية لمقاومة الأمراض، بما في ذلك السرطان.
تنويه مهم: هذه المقالة لأغراض التثقيف الصحي فقط وليست بديلاً عن الاستشارة الطبية. لا تتناول أي مكملات أو تتبع أي نظام علاجي دون مناقشته مع طبيبك المختص.





