صحة

عالجت 20000 شخص من السرطان والآن تكشف السر الذي حفظته طويلاً !

في عالم الطب البديل، تبرز بعض النظريات التي تقدم وعوداً جريئة بشأن علاج الأمراض المستعصية. إحدى هذه النظريات المثيرة للجدل هي تلك التي قدمتها الطبيبة الأميركية هولدا كلارك في كتابها الصادر عام 1993 بعنوان “علاج كل أنواع السرطان”. دعونا نتعمق في هذه الفرضية، وآلياتها، والرد العلمي عليها.

الفرضية الأساسية: الطفيلي المسبب الوحيد للسرطان

الادعاء المركزي:
ادعت كلارك أن هناك صلة مباشرة وحصرية بين الإصابة بالسرطان ووجود طفيلي معين يُدعى “Fasciolopsis buski” (ويُعرف بالمصادرة الكبدية العملاقة). وفقاً لها، هذا الطفيلي موجود في جميع مرضى السرطان دون استثناء. والأهم من ذلك، أن القضاء على هذا الطفيلي يؤدي حتماً إلى اختفاء السرطان.

آلية العمل المزعومة:
افترضت كلارك أن هذا الطفيلي، الذي يتواجد عادة في الأمعاء، يفرز مواد سامة (مثل الكحول الإيثيلي) تعطل جهاز المناعة وتؤدي إلى تكاثر خبيث للخلايا، مما يسبب السرطان. وبالتالي، فإن استئصال السبب (الطفيلي) سيقضي على النتيجة (المرض).

البروتوكول العلاجي: خلطة الأعشاب والجهاز الإلكتروني

لتنفيذ نظريتها، طورت كلارك بروتوكولاً علاجياً يعتمد على ركيزتين رئيسيتين:

  1. الخلطة العشبية الثلاثية:
    وهي مزيج من ثلاث مكونات رئيسية:

    • الأفسنتين (Artemisia absinthium): عشب معروف بخصائصه المضادة للطفيليات.

    • قشر الجوز الأسود (Black Walnut Hull): يُزعم أنه يطرد الطفيليات البالغة من الأمعاء.

    • كبش القرنفل (Clove): يُعتقد أنه يقضي على بيوض ويرقات الطفيليات.
      ادعت كلارك أن هذه التركيبة قادرة على القضاء على أكثر من 100 نوع من الطفيليات، وبالتالي علاج السرطان عند استئصال “Fasciolopsis buski”.

  2. الـ “زابر” (Zapper):
    وهو جهاز إلكتروني صغير تدعي كلارك أنه يولد تياراً كهربائياً بترددات معينة منخفضة الجهد. الادعاء هو أن كل كائن دقيق (طفيلي، فيروس، بكتيريا) له تردد كهربائي resonant خاص به. وبإرسال تردد معين، يمكن تدمير الكائن الممرض دون الإضرار بالخلايا البشرية. هذا المبدأ يُعرف باسم “الرنين الحيوي” (Bioresonance).

الانتشار والقبول المحدود

ذكرت كلارك أنها عالجت آلاف الأشخاص من السرطان وأمراض مزمنة أخرى باستخدام هذا البروتوكول. وقد وجدت نظريتها وأجهزتها رواجاً في أوساط الطب البديل، خاصة في دول مثل روسيا حيث يتم استخدام علاجات “الرنين الحيوي” بشكل أوسع نسبياً ضمن الممارسات التكميلية.

النقد العلمي والرفض الطبي

على الرغم من الانتشار، تواجه نظرية كلارك رفضاً قاطعاً من المجتمع الطبي والعلمي للأسباب التالية:

  • غياب الدليل العلمي: لا توجد دراسات علمية محكمة تدعم الادعاء الأساسي بأن طفيلياً واحداً هو المسبب الوحيد لجميع أنواع السرطان. السرطان مرض معقد تنشأ أسبابه من طفرات جينية وعوامل بيئية متعددة، وليس من طفيلي واحد.

  • خطورة التبسيط: اعتبار السرطان مرضاً واحداً سببه واحد يتعارض مع كل ما نعرفه عن البيولوجيا المعقدة للسرطان، الذي يتضمن مئات الأنواع المختلفة.

  • تحذيرات صحية: حذرت الهيئات الصحية مثل “إدارة الغذاء والدواء الأمريكية” (FDA) من استخدام جهاز الـ “زابر” الخاص بكلارك، مشيرة إلى أنه غير معتمد وقد يعرض المرضى للخطر، خاصة إذا تخلوا عن العلاجات الطبية التقليدية المثبتة.

  • مخاطر التضليل: يشكل الاعتماد على هذه النظريات خطراً حقيقياً على المرضى، حيث قد يؤدي إلى تأخير الحصول على العلاج الفعال (مثل الجراحة، العلاج الكيميائي، الإشعاعي) مما يقلل فرص الشفاء.

الخلاصة: بين الأمل والحقيقة العلمية

في حين أن فكرة وجود علاج بسيط وشامل للسرطان هي فكرة جذابة ومغرية، خاصة للمرضى في ظروف صعبة، إلا أن نظرية هولدا كلارك تفتقر إلى الأساس العلمي السليم. لا يمكن اعتبار بروتوكولها علاجاً معتمداً أو بديلاً عن العلاجات التقليدية.

الموقف المتوازن:
يمكن البحث عن دور محتمل للطفيليات أو العوامل المعدية في بعض أنواع السرطان النادرة ضمن الأطر العلمية التقليدية. كما أن دراسة الأعشاب (مثل الأفسنتين الذي يحتوي على مادة الأرتيميسينين التي تُدرس لدورها في علاج السرطان) تتم بشكل منهجي، ولكن ليس ضمن الإطار التبسيطي والغير مثبت الذي قدمته كلارك.

الخلاصة الحكيمة هي التشكيك في أي ادعاء يعد بـ “علاج لجميع أنواع السرطان”، والتمسك بالطرق العلمية المثبتة، مع الاستعانة بالطب التكميلي فقط كداعم وليس كبديل، وبعد استشارة الفريق الطبي المعالج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى