تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع صورة أثارت الدهشة والفضول؛ حيث ظهرت فيها أطباق جاهزة تُباع في متاجر عالمية لمادة معينة يطلق عليها المُصنِّف “الأرز المحروق”.
هذه المادة ليست سوى ما تعرفه ربات المنازل المصريات جيداً تحت اسم “قعر الحلة” أو “القرعة”، وهو ذلك الجزء من الأرز الذي يلتصق بقاع القدر ويحترق قليلاً أثناء الطهي بسبب التعرض المباشر للحرارة المرتفعة.
هذا المشهد اليومي في المطابخ المصرية تحول فجأة إلى سلعة معروضة للبيع، مما أثار موجة من التعليقات الساخرة والمستغربة.
سعر مذهل يثير التساؤلات: من مخلفات طهي إلى سلعة بقيمة 370 جنيهاً
كانت الصدمة الحقيقية في سعر المنتج، الذي وضعه المُصنِّف في فئة السلع الفاخرة. حيث بلغ سعر الطبق الواحد ما يعادل 7.58 دولار أمريكي، أي نحو 370 جنيهاً مصرياً.
هذا السعر الذي يبدو مرتفعاً لمادة كانت تُعتبر حتى الأمس القريب من “مخلفات الطهي” أو في أفضل الأحوال وجبة عارضة يأكلها أفراد الأسرة أثناء انتظارهم الطبق الرئيسي، هو ما أضاف بعداً جديداً للقصة، جعلها تتحول من مجرد فضول إلى ظاهرة تستحق المناقشة.
انتشار عالمي: ليست مجرد صدفة بل ثقافة طعام معترف بها
كشفت التقارير المنشورة على مواقع مثل “ghgossip” أن هذه الظاهرة ليست محلية أو عابرة، بل هي جزء من ثقافة طعام راسخة في عدة دول. فأطباق “الأرز المحروق” أو “المقرمش” تُباع بشكل رسمي في العديد من المتاجر والسوبر ماركت العالمية، وتحديداً في الدول الآسيوية مثل الصين واليابان وإندونيسيا.
والأكثر إثارة، أنه في غانا، يتم تقديم هذا النوع من الأرز مجاناً في بعض المطاعم كوجبة إضافية أو كرمز للترحيب، مما يؤكد أن له قيمة ثقافية وليس فقط اقتصادية.
تفاعل السوشيال ميديا: بين السخرية واكتشاف الذات
حققت الصورة انتشاراً واسعاً وكبيراً على منصات التواصل، حيث امتزجت ردود الفعل بين الدهشة والسخرية اللاذعة. علق العديد من المستخدمين، وخاصة ربات المنازل، بمزاح على أن بيوتهم “مناجم ذهب” لم تكن تعلم، بينما رأى آخرون في الأمر مفارقة عجيبة.
هذا التفاعل لم يكن مجرد تسلية، بل كشف عن فجوة في إدراك القيمة؛ فما تراه ثقافة ما على أنه “خردة” أو “فضلات”، قد تدركه ثقافة أخرى على أنه “كنز” و”طبق شهي” له قيمته ومذاقه الفريد.
من الخبراء: كيف تُحضر “قعر الحلة” المتقن في منزلك؟
بالنسبة للكثيرين ممن أثار فضولهم الموضوع، فإن إعداد “الأرز المحروق” أو “المقرمش” بشكل متعمد هو عملية بسيطة لا تحتاج لشرائه بسعر مرتفع. يمكن تحضيره في المنزل باتباع تقنية معينة:
-
يتم طهي طبقة رقيقة جداً من الأرز في قاع القدر.
-
يوضع القدر على نار مباشرة مع تقليل كمية الماء المستخدمة بشكل كبير مقارنة بطهي الأرز العادي.
-
الهدف هو منع الأرز من أن يتشرب الكثير من الماء، مما يسمح له بالتحول إلى طبقة مقرمشة وذهبية اللون، وليس محروقاً بشكل كامل ومُر.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الطبق ليس غريباً على العديد من المطابخ العالمية، حيث تشتهر ربات بيوت في دول مثل إيران والعراق أيضاً بإعداده كطبق مقبلات لذيذ مقرمش، وليس كحادثة طهو غير مقصودة.
الخلاصة: قصة “قعر الحلة” الذي أصبح سلعة فاخرة هي أكثر من مجرد خبر طريف. إنها تذكرة قوية بأن القيمة ليست جوهراً ثابتاً، بل هي تصور نسبي يختلف باختلاف الثقافات والخبرات. ما قد نستهين به في سياقنا اليومي قد يتحول إلى سلعة مرغوبة في سياق آخر، مما يفتح الباب لإعادة تقييم الكثير من عاداتنا وتقاليدنا من منظور عالمي.