منوعات

وثيقة تأمين للمطلقات تصدر مع عقد الزواج: إجبارية ويدفعها العريس

عادت وثيقة مخاطر الطلاق إلى الواجهة بشكل رسمي، بعد أن صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 155 لسنة 2024، المتعلق بالموافقة على قانون التأمين الموحد، والذي تضمن لأول مرة في التشريعات المصرية مادة خاصة بـ”التأمين ضد مخاطر الطلاق”.

هذا التصديق، الذي تم في العاشر من يوليو 2024 ونُشر في الجريدة الرسمية، يمنح الوثيقة الصفة القانونية والإلزامية، مما يمثل تحولاً تاريخياً في منظومة الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة المطلقة في مصر.

الهدف الأساسي: درع اقتصادي واجتماعي للمرأة

جاءت هذه الوثيقة الثورية بهدف رئيسي هو تعزيز حماية المرأة المطلقة ضد التبعات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعقب عملية الطلاق. ووفقاً للمذكرة الإيضاحية للقانون،

فإن الوثيقة تُعتبر “منحة جديدة” تهدف إلى توفير شبكة أمان مالي للفتيات والسيدات في مرحلة ما بعد الطلاق. وستصدر هذه الوثيقة من خلال هيئة الرقابة المالية، مما يضمن خضوعها لإشراف رقابي ومالي دقيق.

الإطار القانوني والإلزامي للوثيقة

ينص القانون الجديد في مادته الأولى على سريان أحكامه على جميع أنشطة التأمين وإعادة التأمين والخدمات المرتبطة بها. أما المادة المحورية فهي المادة (39)، والتي تمنح مجلس إدارة الهيئة صلاحية اقتراح مجموعة من التأمينات الإلزامية المناسبة للسوق المصرية.

وتُعد وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق من أبرز هذه التأمينات الإلزامية، حيث سيصدر قرار من مجلس الوزراء يحدد بدقة الفئات المستهدفة، والشروط، والضوابط، والأسعار الخاصة بتنفيذها.

القيمة المالية وآلية الدفع

حدد القانون القيمة المالية للوثيقة وآلية سداد قيمتها بشكل واضح. حيث يتم صرف مبلغ قدره 25 ألف جنيه للمرأة المطلقة التي تستوفي الشروط. على أن يتحمل الزوج التكلفة الكاملة للوثيقة، والتي تبلغ 75 جنيهاً، يتم دفع 50 جنيهاً منها عند عقد القران، و 25 جنيهاً أخرى عند إشهار الطلاق، مما يضمن عدم تحمل المرأة أي أعباء مالية إضافية.

الشروط والضوابط الدقيقة لصرف التعويض

وضع المشرع ضوابط صارمة لضمان استفادة الفئات المستحقة حقاً وتجنب أي استغلال للنظام. وتتمثل هذه الشروط في:

  • نوعية الطلاق: يشترط أن يكون الطلاق “بائن بينونة كبرى”، أي الطلاق النهائي الذي لا رجعة فيه. وبالتالي، لا تغطي الوثيقة حالات الخلع التي تتنازل فيها المرأة عن حقوقها المالية.

  • مدة الزواج: يجب أن تكون مدة الزواج قد تجاوزت ثلاث سنوات على الأقل، مما يستبعد الزيجات قصيرة الأمد التي قد تنتهي سريعاً دون ترتيبات مالية معقدة.

  • الاستحقاق الفوري: بمجرد استيفاء الشرطين السابقين والحصول على إشهار الطلاق، يكون للمرأة الحق في صرف مبلغ الوثيقة فوراً. وهذا المبلغ يعتبر مساعدة مالية عاجلة تُصرف (بالتوازي) مع متابعة صرف النفقة والمستحقات المالية الأخرى التي قد تستغرق وقتاً أطول في المحاكم.

تأكيد البرلمان على الطبيعة الإلزامية والأهداف الاجتماعية

من جانبه، أكد النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن الوثيقة إلزامية وتُعد شرطاً من شروط إتمام عقد الزواج. وأوضح أن الهدف الأساسي هو “ضمان سلامة الظروف المادية للأسرة” وعدم تعرضها لأزمات مالية مفاجئة بعد الطلاق. وأشار إلى أن المشاورات جارية داخل المجلس لتحديد الجهة التي ستتولى إصدار الوثيقة، سواء كانت شركات التأمين أو البنوك.

ترحيب المجلس القومي للمرأة: مكتسب تاريخي

رحب المجلس القومي للمرأة ترحيباً حاراً بالخطوة، معبراً عن شكره للرئيس السيسي. ووصفت المستشارة سناء سيد خليل، نائب رئيس المجلس، الوثيقة بأنها “مكتسب جديد للمرأة المصرية” وأولى من نوعها في مصر، مؤكدة أنها ستوفر حماية حقيقية للمرأة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في واحدة من أصعب المراحل التي قد تمر بها.

إحصاءات الطلاق في مصر: تأكيد على الحاجة للوثيقة

تُظهر الإحصاءات الصادمة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحجم الحقيقي لمشكلة الطلاق في مصر، مما يبرر الحاجة الملحة لمثل هذه الوثيقة:

  • الخمس سنوات الحرجة: حيث أن أكثر فترات الزواج عرضة للطلاق هي الخمس سنوات الأولى، حيث بلغت نسبة الطلاق فيها 27.7% عام 2020.

  • تسارع وتيرة الطلاق: ارتفع متوسط حالات الطلاق من 25.1 حالة في الساعة عام 2018 إلى 30.8 حالة في الساعة عام 2022، مما يشير إلى تسارع مقلق في الظاهرة.

  • الفئة العمرية الأكثر تضرراً: تسجل الفئة العمرية “30 – 34 سنة” أعلى نسبة بين المطلقين والمطلقات، مما يعني أن الطلاق يضرب بقوة في شريحة الشباب في أوج عطائهم وقدرتهم على بناء الأسر.

الخلاصة: نحو تأمين اجتماعي شامل

تمثل وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق نقلة نوعية في الفكر التشريعي والاجتماعي المصري. فهي لا تقدم مجرد تعويض مالي، بل هي إقرار قانوني بتبعات الطلاق المادية ووسيلة عملية لتخفيف عبئها على المرأة، وتسريع عملية إعادة تأهيلها حياتياً واقتصادياً، مما ينعكس إيجاباً على استقرارها واستقرار أسرتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى