شهدت قرى محافظة المنوفية، وعلى رأسها قرية “دلهمو” التابعة لمركز أشمون، موجة قلق جديدة اليوم الجمعة، بعد أن تسللت مياه نهر النيل بكميات كبيرة إلى داخل المنازل المتاخمة للضفة، وغمرت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة.
جاء هذا التطور نتيجة لارتفاع منسوب مياه النهر بشكل ملحوظ ومفاجئ، مما أعاد إلى أذهان الأهالي كابوس المعاناة السنوية مع موسم الفيضان، الذي يهدد كل عام ممتلكاتهم ومصادر رزقهم ويضع سلامتهم على المحك.

الاستجابة الرسمية العاجلة:
في رد فعل سريع على تفاقم الموقف، أطلقت الجهات الرسمية تحذيرات عاجلة ومتتالية. فأصدرت رئاسة مركز ومدينة أشمون بياناً رسمياً دعت فيه المواطنين والمزارعين في المناطق المعرضة للخطر، وخاصة تلك القائمة على “أراضي طرح النهر”، إلى الإخلاء الفوري لمنازلهم ومزارعهم.

وشدد البيان على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لحماية الأرواح من الخطر الوشيك، والحفاظ على ما يمكن إنقاذه من ممتلكات، مؤكدة أن هذه الإجراءات احترازية ووقتية، إلى أن ينحسر منسوب المياه ويعود النهر إلى مجراه الطبيعي.

توسع نطاق التحذيرات:
ولم تقتصر التحذيرات على مركز أشمون فقط، بل امتدت لتشمل مناطق أخرى. حيث وجهت رئاسة مركز ومدينة منوف تحذيرات مماثلة لسكانها، حذرت فيها من أن استمرار ارتفاع منسوب المياه قد يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة، تتمثل في غرق مساحات أكبر من الأراضي والمباني.
وطالبت المسؤولين المزارعين بشكل خاص بوقف جميع الأنشطة الزراعية بشكل فوري ومؤقت، تجنباً لخسائر أكبر في المحاصيل، وذلك لحين انتهاء هذه الأزمة وتراجع مستوى المياه.
التأكيد من أعلى مستوى:
من ناحيته، جدد مجلس الوزراء تحذيراته الرسمية، معتبراً الموقف خطيراً ويتطلب التعامل معه بجدية تامة. وأكد المجلس على ضرورة استجابة المواطنين، وخاصة المقيمين على ضفاف النهر، لتعليمات الإخلاء والتحذيرات الصادرة عن الجهات المعنية دون تردد، نظراً للخطر المحدق الذي يمثله الاستمرار في التواجد بتلك المناطق في ظل استمرار ارتفاع منسوب المياه.
صوت الأهالي والمعاناة الإنسانية:
من جانبهم، لم يكتف الأهالي بدور المتلقي للتحذيرات، بل عبروا عن صوت معاناتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأعرب العديد منهم عن استيائهم الشديد من تكرار هذه الأزمة كل عام، كاشفين النقاب عن الجانب الإنساني الأكثر إيلاماً للمشكلة،
حيث أفادوا بأن بعض الأسر لا تملك أي مأوى بديل سوى تلك المنازل المتضررة، مما يحولها إلى ضحايا دائمين لعناصر الطبيعة، ويجعلهم يعيشون في حالة من التهديد المستمر بفقدان مساكنهم كل عام.
جذور المشكلة التاريخية:
وبالتراجع إلى أصل المشكلة، أرجع مسؤولو الري والموارد المائية الأزمة المتكررة إلى سبب رئيسي يتمثل في القيام بعمليات بناء للمنازل واستصلاح للأراضي الزراعية داخل نطاق ما يُعرف قانوناً وفنياً بـ “أراضي طرح النهر”.
وهذه الأراضي هي عبارة عن مناطق منخفضة ملاصقة مباشرة لمجرى النهر، خصصت أصلاً كمنطقة عازلة لاستيعاب زيادة منسوب المياه أثناء مواسم الفيضان. وبالتالي، فإن أي بناء أو زراعة فيها يجعلها أولى المناطق تعرضاً للغمر عند أدنى ارتفاع في مناسيب النيل.
خلفية الأزمة:
يذكر أن محافظة المنوفية كانت قد وجهت تحذيراً عاجلاً مساء يوم الخميس، أي قبل تفاقم الأحداث بيوم واحد، وناشدت جميع المواطنين والمزارعين المقيمين على أراضي طرح النهر في مركز أشمون بسرعة إخلاء منازلهم وأراضيهم.
وأوضحت المحافظة في بيانها الرسمي أن هذا الإجراء الاحترازي يأتي بسبب الارتفاع الملحوظ والخطير في منسوب المياه بفرع نهر النيل، والذي يشكل تهديداً حقيقياً بغمر كافة الأراضي والمباني الواقعة على مقربة من المجرى المائي.
وناشدت الأهالي بتوخي أقصى درجات الحذر، والامتناع عن زراعة أي محاصيل جديدة في الوقت الراهن، والإسراع في إخلاء المنازل حفاظاً على سلامتهم، وذلك في إطار المتابعة المستمرة من قبل الحكومة لتداعيات ارتفاع مناسيب النيل، والتي كان قد أشار إليها رئيس الوزراء سابقاً.





