صحة

العـ,,ـادة السـ,,ـرية لدى الأطفال: متى ولماذا يمارسها الطفل وكيفية التعامل معه؟

العـ,,ـادة السـ,,ـرية عند الأطفال في السنوات الأولى (1-5 سنوات) هي ظاهرة شائعة وطبيعية، يمارسها الذكور والإناث على حد سواء. يتمثل هذا السلوك بلمس الطفل لأعضائه التنـ,,ـاسلية أو فركها باستخدام يده، أو ألعابه، أو حتى أحضان الوسائد. غالباً ما يثير هذا المشهد القلق والحرج لدى الوالدين، لكن الفهم الصحيح لطبيعة هذه المرحلة التطورية هو المفتاح للتعامل الأمثل.

المرحلة العمرية: من الفضول الجسدي إلى الوعي الاجتماعي

1. مرحلة الطفولة المبكرة (2-5 سنوات): الاكتشاف البريء

  • السياق التطوري: تظهر هذه الممارسة غالباً مع مرحلة التدريب على استخدام الحمام والتخلص من الحفاض، حيث يبدأ الطفل برؤية أعضائه التنـ,,ـاسلية واكتشافها بشكل مباشر.

  • الدافع الأساسي: يكون الدافع هو الفضول الطبيعي لاكتشاف الجسم، وليس الدافع الجنـ,,ـسي كما لدى البالغين. إنه جزء من رحلة الطفل في التعرف على أجزاء جسده المختلفة (كالعين والأذن واليد) ووظائفها. يشعر الطفل بأن هذا الفعل مريح وممتع، تماماً كما يشعر بالراحة عند احتضان دمية مفضلة.

  • الفضول المقارن: في هذا العمر، يبدأ الطفل بملاحظة الاختلافات الجسـ,,ـدية بينه وبين إخوته أو أقرانه من الجنـ,,ـس الآخر، مما يزيد من فضوله الاستكشافي.

2. مرحلة الطفولة المتوسطة (ما بعد 6 سنوات): بداية الوعي والخصوصية

  • التحول في السلوك: مع تطور الوعي الاجتماعي والإدراك بأن بعض السلوكيات هي من “الخصوصيات”، يقل بشكل ملحوظ قيام الطفل بهذا الفعل في الأماكن العامة.

  • الاستمرارية السرية: من الطبيعي أن يستمر الطفل في ممارسة السلوك بشرة سري على انفراد، كطريقة للاستكشاف الذاتي أو مواجهة مشاعر مثل الملل أو القلق.

3. مرحلة البلوغ والمراهقة: التحول نحو النضج الجنـ,,ـسي

  • السياق الجديد: هنا تكتسب الممارسة بُعداً جديداً مع الفيضان الهرموني وبداية ظهور المشاعر والإثـ,,ـارة الجنـ,,ـسية. تصبح ممارسة الاستمـ,,ـناء عند المراهق جزءاً طبيعياً من تطوره الجنـ,,ـسي وطريقة للتعرف على جسده المتغير.

الأسباب المحفزة: أبعد من مجرد الفضول

بينما يعد الفضول الدافع الرئيسي، هناك عوامل أخرى قد تزيد من وتيرة الممارسة:

  • الحالات الانفعالية:

    • الملل: عندما لا يجد الطفل ما يشغله.

    • التوتر والقلق: كرد فعل على التوبيخ أو المشاكل الأسرية.

    • النعاس: كطريقة لتهدئة النفس قبل النوم.

  • نقص الدفء العاطفي: قد يلجأ بعض الأطفال إلى هذا السلوك كبدائل عن الاحتضان والقـ,,ـبلات والاهتمام الجسدي الآمن الذي يفتقرون إليه.

المخاطر الحقيقية: ليست في الفعل ذاته، بل في ردة الفعل!

من المهم توضيح نقطة حاسمة: الممارسة نفسها لا تسبب أي ضرر جسدي أو نفسي للطفل. الخطر الحقيقي يكمن في طريقة رد فعل الوالدين:

  • الضرر النفسي: عندما يتم توبيخ الطفل أو تعنيفه أو تخويفه، يتشكل لديه شعور عميق بالذنب والخجل تجاه جسده وغريزته الطبيعية.

  • العواقب طويلة المدى: قد يؤدي هذا إلى مشاكل في الصورة الذاتية وصعوبات في الحياة الجنـ,,ـسية المستقبلية، حيث يربط بين المتعة الجسدية والشعور بالإثم.

  • تعزيز السلوك: قد يؤدي التركيز السلبي المفرط على هذا السلوك إلى جعله وسيلة للطفل لجذب الانتباه أو تحدي السلطة الأبوية.

دليل الوالدين للتعامل العملي والتربوي السليم

1. استراتيجية التشتيت والإشغال (العلاج بالنشاط)

  • شغل وقت الطفل بأنشطة بدنية وحركية ممتعة مثل: الرياضة، السباحة، الرسم، اللعب الجماعي.

  • الهدف: ليس “منع” السلوك بقدر ما هو توفير بدائل إيجابية تشبع حاجته للاستكشاف والنشاط.

2. تعزيز التواصل والدفء العاطفي

  • الاحتضان الآمن: قدم لطفلك جرعات يومية من الحب غير المشروط عبر العناق والقبـ,,ـلات والكلمات المشجعة.

  • الحديث المفتوح: مع تقدم الطفل في العمر، قدم له معلومات بسيطة ومناسبة لعمره عن أجزاء الجسم وأسمائها وخصوصيتها.

3. توجيه دون توبيخ: تعليم مفهوم “الخصوصية”

  • تجنب تماماً: الصراخ، التهـ,,ـديد، أو وصف الفعل أو الأعضـ,,ـاء بأنها “قـ,,ـذرة” أو “سيئة”.

  • الرسالة الإيجابية: ركز على تعليم الطفل أن جسده جميل وخاص، وأن بعض الأفعال، مثل لمـ,,ـس الأعضاء التنـ,,ـاسلية، هي أفعال خاصة يجب أن يقوم بها في مكان خاص مثل غرفته، وليس أمام الآخرين.

  • استخدم لغة بسيطة: “أعلم أن هذا يشعرك بالراحة، لكن هذا شيء خاص نفعله في غرفتنا الخاصة فقط، مثل تغيير الملابس”.

4. الحماية من المعلومات الخاطئة

  • تصحيح الخرافات: لا تستخدم الأكاذيب (كأن تقول أن هذا سيسبب له مرضاً) لتخويفه. هذا يزرع الخوف ولا يحل المشكلة.

  • بناء ثقة: كن المصدر الموثوق للمعلومات حول جسده، مما يجعله يأتي إليك بأسئلته في المستقبل بدلاً من البحث في مصادر غير موثوقة.

الخلاصة: الهدوء والحكمة هما الحل

تذكر أن استكشاف الطفل لجسده، بما في ذلك أعضائه التنـ,,ـاسلية، هو علامة على نموه الطبيعي والصحي. دورك كوالد ليس مراقبة وقطع هذا السلوك، بل توفير بيئة آمنة ومليئة بالحب، وتوجيهه بلطف نحو فهم خصوصية جسده وأدب التصرف. بهذه الطريقة، تساهم في تنشئة طفل واثق من جسده، سليم نفسياً، وقادر على بناء علاقة صحية مع ذاته عندما يكبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى