بات مرض شاغاس، وهو عدوى طفيلية خطيرة تنقلها حشرة تُعرف باسم “حشرة التقبيل”، مصدر قلق صحي متزايد في الولايات المتحدة، حيث يُلاحظ انتشاره عبر 32 ولاية على الأقل. هذا الانتشار الواسع يثير تساؤلات حول النطاق الحقيقي للمرض وتأثيره الصحي المحتمل على عدد كبير من السكان.
محتــويات المقــال
ناقل المرض: حشرة التقبيل والتوزيع الجغرافي
ينتقل المرض عبر حشرة الترياتومين (Triatomine)، التي اكتسبت لقب “حشرة التقبيل” بسبب ميلها إلى لدغ البشر في مناطق رقيقة من الجلد مثل الوجه، خاصة حول الفم والعينين، أثناء نومهم. وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، تم توثيق وجود هذه الحشرة في العديد من الولايات الجنوبية، مما يخلق بؤرًا لانتقال العدوى.
نطاق الانتشار البشري والحيواني
يكشف تحليل البيانات عن صورة مقلقة لانتشار المرض. فقد سُجلت إصابات بشرية بمرض شاغاس في ثماني ولايات على الأقل هي: أريزونا، تكساس، لويزيانا، ميسوري، ميسيسيبي، أركنساس، تينيسي، وكاليفورنيا.
الأكثر إثارة للقلق هو تسجيل حالات إصابة حيوانية (غالبًا في الكلاب والقوارض) والتي تعمل كمستودعات للطفيلي، في نطاق أوسع يشمل ولايات مثل نيو مكسيكو، أوكلاهوما، نبراسكا، ألاباما، جورجيا، فلوريدا، ساوث كارولينا، نورث كارولينا، كنتاكي، فرجينيا، وميريلاند. يشير هذا إلى أن بيئة مناسبة لانتقال العدوى موجودة في هذه المناطق.
وباء صامت: أعداد المصابين غير المشخّصين
التقديرات الحالية حول عدد المصابين مثيرة للدهشة. استنادًا إلى بيانات من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA Health)، يقدر مركز السيطرة على الأمراض (CDC) أن أكثر من 300,000 شخص في الولايات المتحدة قد يكونون مصابين بمرض شاغاس، بينهم ما يقرب من 45,000 في مقاطعة لوس أنجلوس وحدها.
المعضلة الكبرى هي أن أقل من 2% من هؤلاء المصابين يعلمون بإصابتهم، مما يخلق “وباءً صامتًا” حيث يحمل الأفراد الطفيلي دون وعي منهم، مما يؤخر التشخيص والعلاج إلى مراحل متقدمة وخطيرة من المرض.
آلية انتقال العدوى والأعراض الأولية
توضح جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس آلية انتقال العدوى الدقيقة: بعد أن تلدغ حشرة التقبيل الشخص وتتغذى على دمه، تتبول أو تتغوط في مكان اللدغة. تحتوي فضلاتها على طفيلي يسمى المقوسة الكروزية (Trypanosoma cruzi). عندما يشعر الشخص بالحكة الناتجة عن اللدغة ويقوم بحك المنطقة، يدخل الطفيلي إلى مجرى الدم عبر الجلد المجروح أو عبر الأغشية المخاطية للعين أو الفم.
قد تكون المرحلة الحادة من المرض خفيفة أو غير محددة، مما يجعل من السهل تجاهلها. تشمل الأعراض الأولية الشائعة:
-
حمى وتعب
-
آلام في الجسم والعضلات
-
صداع
-
فقدان الشهية
-
إسهال وقيء
-
علامة مميزة: تورم شديد في الجفن (يعرف باسم “علامة رومانا”) إذا دخل الطفيلي عبر العين.
المضاعفات المزمنة الخطيرة
الخطر الحقيقي لمرض شاغاس يكمن في طبيعته المزمنة والصامتة. بعد المرحلة الحادة، يمكن أن يظل الطفيلي كامنًا في الجسم لسنوات عديدة،حتى لعقود، قبل أن يتسبب في مضاعفات شديدة ومهددة للحياة. وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض، فإن ما بين 20% إلى 30% من المصابين معرضون لتطوير هذه المضاعفات المزمنة، والتي تشمل:
-
أمراض القلب الخطيرة: مثل تضخم عضلة القلب (Cardiomyopathy)، عدم انتظام ضربات القلب، وقصور القلب المفاجئ أو توقفه.
-
مضاعفات في الجهاز الهضمي: مثل تضخم المريء أو القولون (Megacolon)، مما يؤدي إلى صعوبة شديدة في البلع أو الهضم.
دعوة للتصنيف كمرض متوطن وتوصيات
في ضوء هذه البيانات، أوصت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بتصنيف مرض شاغاس رسميًا كمرض “متوطن” في الولايات المتحدة. هذا التصنيف يعني أن المرض لم يعد مجرد عدوى “مستوردة” من المسافرين القادمين من أمريكا اللاتينية،
بل أصبح موجودًا بشكل مستمر وينتشر بشكل معتاد ضمن النظم البيئية والسكان المحليين في مناطق جغرافية محددة. يهدف هذا التصنيف إلى زيادة الوعي بين مقدمي الرعاية الصحية، وتحفيز جهود الفحص والتشخيص المبكر، وتكثيف برامج مراقبة انتشار حشرة التقبيل.





