صحة

اللى مركب الحشو دة لازم يشيلو

كشف فريق من العلماء عن نتيجة مقلقة مفادها أن الحشوات المعدنية الفضية (الأملغم) المستخدمة في علاج الأسنان قد تُطلق مادة الزئبق السامة عند تعرضها لفحوصات الأشعة بالرنين المغناطيسي فائقة القوة (ultra-high-strength MRI)، والتي تُعد من أحدث تقنيات التصوير الطبي.

تفاصيل الدراسة والتقنية المستهدفة

ركزت الدراسة، التي نُشرت في الدورية العلمية المرموقة “راديولوجي” (Radiology)، على تقييم تأثير أجهزة الرنين المغناطيسي ذات المجال المغناطيسي فائقة القوة، وهي تقنية متطورة وحديثة بدأت تنتشر في المستشفيات البحثية الكبرى، لا سيما في المملكة المتحدة. وأظهرت النتائج أن تعريض الأسنان المحشوة بالأملغم لمدة 20 دقيقة فقط لهذا النوع من الأشعة كافٍ لإطلاق مادة الزئبق السامة منها.

مدى انتشار الحشوات المعدنية والمخاوف الصحية

على الرغم من اتجاه طب الأسنان الحديث نحو استخدام الحشوات البيضاء التجميلية أو الخزفية، لا تزال الحشوات المعدنية الفضية (التي تحتوي على الزئبق) هي الأكثر شيوعاً واستخداماً من قبل أطباء هيئة التأمين الصحي الوطني البريطاني (NHS)، وذلك بسبب متانتها وقلة تكلفتها. حيث يُفضل الأطباء استخدامها غالباً في الأسنان الخلفية التي تتحمل قوة المضغ، بينما تُحفظ الحشوات البيضاء للأسنان الأمامية المرئية.

رد الجمعية البريطانية لطب الأسنان والموقف الحالي

علقت الجمعية البريطانية لطب الأسنان (BDA) على هذه النتائج مؤكدة أن حشو الأملغم آمن للاستخدام، وهو قيد التطبيق والدراسة المكثفة منذ ما يزيد عن 150 عاماً. وأشارت إلى أن سلامته ومتانته أمران مُثبتان، وأنه لا يزال الخيار الأمثل للعديد من الحالات السريرية.

كما أوضحت أنه لا يوجد مبرر طبي لإزالة هذه الحشوات كإجراء وقائي، باستثناء حالات نادرة جداً يتم تشخيصها بشكل صحيح بأن المريض يعاني من حساسية تجاه الزئبق. ومع ذلك، اتفقت الهيئة على ضرورة إجراء مزيد من الدراسات لفهم هذه المخاطر المحتملة الجديدة بشكل أفضل، خاصة فيما يتعلق بالتعرض للأشعة فائقة القوة.

كيف أجريت الدراسة وما الذي اكتشفته؟

قام الدكتور سيلمي يلماظ (Selmi Yilmaz) وفريقه البحثي في جامعة البحر الأبيض المتوسط في تركيا بإجراء تجربة عملية لقياس كمية الزئبق المتسربة. حيث تم اقتلاع 60 سناً محشواً بالأملغم ووضع كل منها في وعاء منفصل يحتوي على لعاب اصطناعي.

بعد تعريضها لأشعة الرنين المغناطيسي فائقة القوة، وجد الفريق أن كمية الزئبق التي تسربت إلى الأوعية كانت أعلى بأربعة أضعاف مقارنة بالأوعية التي لم تُعرض للأشعة أو تلك التي تعرضت لأشعة الرنين المغناطيسي التقليدية. وأعرب الدكتور يلماظ عن قلقه قائلاً: “ليس معروفاً حتى الآن مقدار ما قد يمتصه الجسم من هذا الزئبق المسرب”.

لماذا يعتبر الزئبق مادة خطيرة؟

يصنف الزئبق كمادة سامة للإنسان، ويمكن أن يسبب آثاراً صحية ضارة إذا تعرض الجسم لجرعات عالية كافية منه. ومن الجدير بالذكر أن البرلمان الأوروبي كان قد صوت سابقاً لصالح التخلص التدريجي من استخدام حشوات الأملغم، وذلك خاصة لحماية البيئة وليس لأسباب صحية مباشرة تتعلق بالمرضى.

حيث يمكن أن تتحول نفايات الزئبق الناتجة عن هذه الحشوات إلى “ميثيل الزئبق” شديد السمية بواسطة الميكروبات في البيئات المائية، مما يؤدي إلى تلوث السلسلة الغذائية وتراكمه في الأسماك والمأكولات البحرية التي يتناولها الإنسان.

توصيات للمرضى والمستقبل

طمأن السيد داميان والمسلي (Damien Walmsley)، المستشار العلمي للجمعية البريطانية لطب الأسنان، المرضى قائلاً: “لا ينبغي للأشخاص الذين يمتلكون حشوات أملغم أن يقلقوا إذا احتاجوا لإجراء فحص رنين مغناطيسي تقليدي، فالمشكلة تكمن فقط في الأجهزة فائقة القوة”.

وأضاف أن هذه المشكلة ستنحسر مع الوقت نظراً للاتجاه العالمي نحو التخلي التدريجي عن حشوات الزئبق. ومع ذلك، شدد على أن تطوير واستخدام أجهزة المسح فائقة القوة، والتي حصلت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) العام الماضي، يحتاج إلى مراجعة دقيقة وإجراء المزيد من الدراسات لتقييم المخاطر المحتملة بشكل كامل.

من جانبها، تؤكد هيئة التأمين الصحي البريطانية (NHS) أن فحوصات الرنين المغناطيسي التقليدية آمنة وغير مؤلمة، على الرغم من أنها قد لا تكون مناسبة لبعض المرضى الذين يحملون غرسات معدنية في أجسامهم، بسبب التفاعل مع المجال المغناطيسي القوي.

أما الأجهزة فائقة القوة، فتُستخدم مجالات مغناطيسية أكثر قوة لتنتج صوراً أكثر تفصيلاً، وقد تمت الموافقة عليها من قبل أجهزة الرقابة الطبية التي تأخذ معايير السلامة في الاعتبار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى