صحة

لا تستهين بالتهاب زاوية الشفة.. فقد يكون مؤشرًا على مرض خطير

التهاب الشفة الزاوي (Angular Cheilitis)، أو ما يعرف شعبياً بـ”تشققات زوايا الفم”، هو حالة التهابية مؤلمة تظهر على شكل تشققات، احمرار، وتقشر في الجلد عند زوايا الفم. غالباً ما يصاحب هذه التشققات شعور بالحرقة أو الألم، خاصة عند فتح الفم أو تناول الطعام.

على عكس الاعتقاد الشائع، هذه المشكلة ليست مجرد عارض بسيط ناتج عن الجفاف، بل يمكن أن تكون جرس إنذار ينبهك إلى وجود خلل صحي كامن داخل جسمك.

الأسباب المباشرة وراء الالتهاب: بيئة خصبة للعدوى

تحدث هذه التشققات بسبب مجموعة من العوامل التي تخلق البيئة المثالية لنمو الكائنات الدقيقة، بشكل أساسي:

  1. الرطوبة المستمرة: العادات مثل لعق الشفاه المتكرر، سيلان اللعاب (أثناء النوم أو بسبب مشاكل في إطباق الأسنان)، أو شرب المشروبات باستمرار تؤدي إلى ترطيب زوايا الفم بشكل دائم. هذه الرطوبة تضعف حاجز الجلد، مما يجعله عرضة للتشقق والعدوى.

  2. العدوى البكتيرية والفطرية: البيئة الرطبة والدافئة عند زوايا الفم هي المكان المثالي لنمو البكتيريا (مثل المكورات العنقودية) والفطريات (مثل المبيضات البيضاء). هذه الكائنات هي المسبب الرئيسي للالتهاب والتهيج.

  3. العوامل الميكانيكية: أطقم الأسنان غير المناسبة التي تغير من شكل الفم أو تسبب تراكم اللعاب، أو قلة الارتفاع العمودي للوجه (حيث تتدلى زوايا الفم لأسفل مكونة طيات رطبة) يمكن أن تكون أسباباً أساسية.

الدلالة الصحية الخطيرة: عندما تكون التشققات علامة على مرض خفي

هنا يكمن الخطر الحقيقي؛ فالتهاب زوايا الفم المتكرر أو المستعصي على العلاج البسيط يمكن أن يكون عرضاً جانبياً لحالات صحية أكثر خطورة:

  1. نقص التغذية والفيتامينات: أحد أكثر الأسباب الكامنة شيوعاً. نقص العناصر التالية يضعف الجلد ويجعله أكثر عرضة للتمزق والعدوى:

    • الحديد: فقر الدم (الأنيميا) يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتهاب الشفة الزاوي.

    • فيتامين B12 (ريبوفلافين) و B9 (فولات): نقص هذه الفيتامينات الحيوية يعطل عملية إصلاح الخلايا ويضعف المناعة.

    • الزنك: عنصر أساسي لصحة الجلد والتئام الجروح.

  2. داء السكري: ارتفاع مستوى السكر في الدم يوفر وسطاً غنياً لنمو الفطريات. بالإضافة إلى ذلك، يضعف السكري مناعة الجسم ويجعل من الصعب مكافحة الالتهابات، مما يجعل المصابين به أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الشفة الزاوي المتكرر والمزمن.

  3. ضعف الجهاز المناعي: أي حالة تثبط جهاز المناعة، سواء كانت مؤقتة (كالإجهاد الشديد أو العدوى) أو مزمنة (مثل فيروس نقص المناعة البشرية HIV أو علاجات السرطان مثل العلاج الكيميائي)، يمكن أن تظهر أحد أعراضها كالتهابات فطرية أو بكتيرية متكررة عند زوايا الفم.

متى يجب أن تقلق وتستشير الطبيب؟

لا تهمل هذه العلامة إذا استمرت أكثر من أسبوعين بالرغم من العناية الأساسية، أو إذا كانت:

  • شديدة الألم أو النزف.

  • متكررة الحدوث.

  • مصاحبة لأعراض أخرى مقلقة مثل:

    • التعب الشديد والمستمر.

    • شحوب البشرة (علامة محتملة لفقر الدم).

    • فقدان الوزن غير المبرر.

    • العطش الشديد وكثرة التبول (علامات السكري).

في هذه الحالات، يصبح الفحص الطبي إلزامياً للوصول إلى التشخيص الصحيح للسبب الكامن وعلاجه.

خريطة العلاج والوقاية: من العناية اليومية إلى العلاج الطبي

العلاج المنزلي والوقاية:

  • الترطيب الآمن: استخدم مرطبات شفاه سميكة وقائمة على الشمع (مثل الفازلين) بدلاً من تلك التي تحتوي على نكهات قد تسبب التهيج. ضعها لإنشاء حاجز واقٍ ضد الرطوبة.

  • النظام الغذائي: ركز على تناول غذاء متوازن غني بالحديد (لحوم حمراء، خضروات ورقية داكنة، بقوليات)، فيتامينات ب (البيض، منتجات الألبان، الحبوب الكاملة)، والزنك (المكسرات، البذور، المحار).

  • كسر العادات السيئة: توقف عن لعق شفتيك وعن مضغ الجلد حول فمك.

  • العناية بالأسنان: إذا كنت تستخدم طقم أسنان، تأكد من أنه مناسب وراجع طبيب الأسنان بانتظام. حافظ على نظافة فمك ممتازة.

العلاج الطبي:
سيحدد الطبيب السبب الرئيسي وقد يصف:

  • كريمات مضادة للفطريات (مثل كلوتريمازول) أو مضادات حيوية موضعية (مثل ميوبيروسين).

  • مكملات غذائية لتعويض النقص في الفيتامينات أو المعادن.

  • علاج الأمراض الكامنة مثل السكري أو فقر الدم.

الخلاصة: تشققات زوايا الفم هي رسالة من جسمك. الإنصات إليها وعدم إهمالها قد يكون المفتاح لاكتشاف وعلة مشكلة صحية خفية قبل أن تتطور إلى ما هو أكثر خطورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى