منوعات

المرأة التي اكتشفت بالصدفة أنها ليست أم أطفالها!

في ديسمبر 2002، وجدت ليديا فيرتشايلد، وهي أم شابة تبلغ من العمر 26 عامًا ولديها ثلاثة أطفال وحاملٌ في طفلها الرابع، نفسها في موقفٍ صعب بعد طلاقها من زوجها. مع موارد مالية محدودة، لجأت إلى الخدمات الاجتماعية للمطالبة بنفقة الأطفال، وهو إجراءٌ روتيني في مثل هذه الحالات.

 

**الصـ,,ـدمة الأولى: عندما أنكر الحمض النـ,,ـووي أمومتها**
خضعت ليديا لاختبار الحمض النـ,,ـووي كإجراء روتيني لتأكيد نسب الأطفال، وكانت واثقةً من النتائج. لكن بعد أيام قليلة، استدعتها الخدمة الاجتماعية على عجل، لتفاجأ بوجود الشرطة التي اقتـ,,ـادتها للاستجواب. كشفت النتائج المذهلة أن الحمـ,,ـض النـ,,ـووي أظهر عدم وجود أي صلة قرابة بينها وبين أطفالها—بنسبة 0.00%!

واجهت ليديا اتهـ,,ـامين لا يملك أي منهما تفسيراً منطقياً: إما أنها استخدمت أمًا بديلة دون إثبات، أو—وهو الأكثر إثـ,,ـارةً للـ,,ـرعب—أنها “سـ,,ـرقت” أطفالها! رغم ذاكرتها الواضحة لولاداتها، وشهادة زوجها السابق بتفاصيل الحمـ,,ـل والولادة، إلا أن دليل الحمـ,,ـض النـ,,ـووي كان أقوى من كل ذلك. لم تتوقف المشـ,,ـكلة عند حرمانها من النفقة، بل كادت أن تفقد حضانة أطفالها.

**المعـ,,ـركة القانونية: أدلةٌ تتهاوى أمام العلم**
بدأت ليديا في جمع كل ما لديها من أدلة: صور حملها، وتسجيلات ولاداتها، وشهادات الأقارب. حتى والدتها خرجت للصحافة قائلةً: “رأيتُ بنتي تلد هؤلاء الأطفال بيديَّ!” كما اتصلت بطبيب التوليد الخاص بها، الذي أكد بدوره أنه أشرف على ولادتها شخصياً.

لكن كل هذه الأدلة لم تُجدِ نفعاً أمام المحكمة. أُجريت اختباراتٌ متكررة في مختبرات مستقلة، وكانت النتيجة نفسها: **لا قرابة جينية**. خسرت ليديا ثلاث جلسات قضائية متتالية، واقتربت من فقدان أطفالها إلى الأبد.

**المنقذ غير المتوقع: اكتشاف الكيميرا الجينية**
في لحظة يأس، وجد محاميها الجديد، **آلان تينديل**، مقالاً علمياً في *مجلة نيو إنجلاند الطبية* عن حالة امرأة تدعى **كارين كيغان**، واجهت معضلة مشابهة عند محاولة التبرع بكليتها لأطفالها. كشفت التحاليل أنهم “ليسوا أولادها”، لكن الأطباء اكتشفوا لاحقاً أنها **كيميرا جينية**—أي أن جسدها يحمل حمضـ,,ـين نـ,,ـوويين مختلفين بسبب امتصاصها لتوأمها في الرحـ,,ـم!

أدرك تينديل أن ليديا قد تكون في الوضع نفسه. طلب إجراء فحوصات إضافية لعينات من شعرها، دمـ,,ـها، ولعابها. المفاجأة كانت أن النتائج اختلفت تماماً حسب العينة! تبين أن ليديا لديها **حمـ,,ـض نـ,,ـووي مزدوج**—بعض خلاياها تحمل شفرتها الجيـ,,ـنية، وبعضها الآخر يحمل شفرة توأمها المفقود الذي امتصته في مرحلة التكوين الجنـ,,ـيني.

**الاختبار الحاسم: الولادة تحت المراقبة**
لإثبات ذلك، طلب القاضي حضور ممثلة الخدمة الاجتماعية أثناء ولادة ليديا لطفلتها الرابعة. وُلدت الطفلة تحت إشراف طبيبة التوليد والمحامي، وخضعت فوراً لفحص الحمـ,,ـض النـ,,ـووي. النتيجة؟ **0.00% قرابة مرة أخرى!**

لكن الأطباء لم يستسلموا. بعد فحص شامل، اكتشفوا أن الحمض النـ,,ـووي “الحقيقي” لليديا موجود في أعضائها التنـ,,ـاسلية، بينما بقي حمـ,,ـض توأمها في دمـ,,ـها وأنسجتها الأخرى. كما أكدت اختبارات والدتها أن الأحفاد مرتبطون بها جيـ,,ـنياً، مما أنهى الجـ,,ـدل قانونياً.

**الكيميرا: عندما يصبح العلم لغزاً قضائياً**
أصبحت قضية ليديا **سابقةً قانونيةً وطبيةً نادرة**، وكشفت أن اختبارات الحمـ,,ـض النـ,,ـووي—رغم دقتها—قد تعطي نتائج مضلـ,,ـلة في حالات الكيميرا. نشر البروفيسور **ديفيد كاي** مقالاً بعنوان *”مجـ,,ـرمو الكيميرا”*، يتساءل فيه: **كيف يمكن للطب الشرعي التعامل مع أشخاص يحملون أكثر من حمـ,,ـض نـ,,ـووي؟**

حتى اليوم، لا يُعرف عدد الحالات المشابهة حول العالم، إذ أن معظم الكيميرا لا يكتشفون أمرهم إلا بالمصادفة. قصة ليديا ليست مجرد معجزة طبية، بل تحذيراً من تعقيد الطبيعة البشرية، وإثباتاً أن العلم—رغم تطوره—ما زال يحمل أسئلةً بلا إجابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى