قبـ،ـض اربعة رجال شرطة سعوديون على شاب خرج من حمامات الحرم النبوي
في أروقة **المسجد النبوي** الشريف، بين زحام المصلين وهدوء الروضة المباركة، كان شابٌ ألبانيٌ أشقرُ الوجه، في الخامسة والثلاثين من عمره، تزينت ذقنه بلحية خفيفة، يخرج من حمامات المسجد بعد أن توضأ، ليُفاجأ بأربعة من رجال الشرطة يحيطون به فجأةً ويقيدون يديه. ارتبك الشاب، وبدأ يدافع عن نفسه بصوت مرتفع: “ماذا فعلتُ؟ أنا لستُ شحاذًا، ولا متسولًا، ولست لصًـ,,ـا ولا إرهـ,,ـابيًا!”.
سرعان ما تجمهر حوله بعض المصلين الذين يعرفونه جيدًا، فقد اعتادوا رؤيته بين جدران المسجد، خاشعًا باكيًا في **الروضة الشريفة**، فحاولوا التدخل: “ما ذنبه؟ إنه رجل طيب، نراه دائمًا هنا يبكي بين يدي رسول الله ﷺ!”.
لكن رجال الشرطة لم يتراجعوا، وأجابوا بحزم: “هذا الرجل يعيش في المدينة منذ ست سنوات دون إقامة قانونية، وكلما حاولنا إلقاء القبض عليه، لجأ إلى الروضة الشريفة بجوار قبر النبي ﷺ، فلم نتمكن من إخراجه. اليوم انتظرناه حتى خرج إلى الحمام، وها نحن ننفذ القانون”.
أحس الشاب بأن ساعته قد اقتربت، فانهمرت دموعه، وتوسل إليهم: “اتركوني هنا بجوار حبيبي رسول الله! أنا لست مجـ,,ـرمًا، جئت من ألبانيا فقط لأني أحب النبي ﷺ!”. لكن قرار الترحيل كان قد اتُّخذ. وعندما بدأوا بسحبه خارج المسجد، توقف فجأةً وطلب برجفة: “دعوني أودع رسول الله كلمة واحدة!”.
سخر أحد الضباط وقال: “قل ما تريد!”، فالتفت الشاب نحو **القبة الخضراء**، ورفع عينيه الدامعتين، وصاح من أعماق قلبه: “يا رسول الله، أهذا ما اتفقنا عليه؟ وعدتني ألا نفترق أبدًا! تركتُ أهلي وبلدي ودكاني، وجئتُ لأعيش قريبًا منك حتى أمـ,,ـوت، والآن هؤلاء يريدون أن يفرقوا بيني وبينك! ألا تتدخل؟”. ثم سقط على الأرض فجأةً، كأن روحه قد فارقت جسده.
ظن رجال الشرطة أنه يتظاهر، فحاولوا إيقاظه بدفعات خفيفة بأرجلهم: “انهض أيها المخادع!”. لكنه لم يتحرك. رشوا الماء على وجهه، وهزوه بقوة، لكن الجسد بقي صامتًا. استدعوا الطبيب على عجل، وعندما فحصه، أعلن بنبرة حزينة: “لقد مـ,,ـات الرجل منذ لحظات!”.
في تلك اللحظة، تحولت قسوة رجال الأمن إلى ندمٍ عظيم، فانفجر بعضهم بالبكاء، وقال أحدهم بصوت مكسـ,,ـور: “لو علمنا صدق حبه لرسول الله ﷺ، ما فعلنا به هذا! نحن الذين قتـ,,ــ,,ـلناه!”.
**العبرة من القصة**
هؤلاء الرجال لم يكونوا أشـ,,ـرارًا، بل كانوا ينفذون القانون بحرفيته، لكنهم لم يدركوا أن هناك قانونًا أعلى من قانون البشر، هو قانون **الحب الإلهي** وحب النبي ﷺ. ذلك الحب الذي جعل الشاب يترك كل شيء في الدنيا ليكون قريبًا من حبيبه، حتى اختاره الله ليكون جارًا لرسوله في الحياة وبعد المـ,,ـمات.
لقد عاش هذا الشاب مؤمنًا بحديث النبي ﷺ: **”مَرْءٌ مَعَ مَنْ أَحَبَّ”**، ومـ,,ـات على ذلك. فهل هناك أعظم من هذه النهاية؟
**سلامٌ على المحبين الصادقين، الذين يبيعون الدنيا كلها لقاء نظرة من حبيبهم ﷺ.**