شهدت بلدة الحارة في الريف الشمالي الغربي لمحافظة درعا السورية، حدثاً استثنائياً تحوّل من شائعة عن “كنز ذهبي” إلى كشف أثري مهم، بعد العثور على مدفن يعود للفترة الرومانية، في قصة تجمع بين الاكتشاف التاريخي والتداول الاجتماعي للمعلومات.
محتــويات المقــال
بداية القصة: حفار منزل و”هبوط” مثير
بدأت الحككة عندما كان أحد المواطنين يحفر قبوًا لبناء منزله في البلدة باستخدام آلية ثقيلة (تركس)، مما تسبب في هبوط مفاجئ في الأرض.
هذا الهبوط فتح باب التكهنات بين السكان، ليتحول الموقع بسرعة إلى خبر متداول على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي يُشير إلى وجود “مغارة تحتوي على كنوز ذهبية”.
التدخل الأمني والعلمي: إدارة اللحظة والكشف عن الحقيقة
نتيجة للشائعة المتداولة، انتشرت قوات الأمن الداخلي في الموقع للسيطرة على الوضع، خاصة مع توافد عدد كبير من الأهالي إلى المكان بدافع الفضول والحماس.
وبالتوازي مع التدخل الأمني، تحركت دائرة آثار درعا بكوادرها المتخصصة إلى الموقع بشكل سريع ليلاً، وبدأت عملية التقييم الميداني التي كشفت أن ما تم العثور عليه هو مدفن أثري وليس كنزاً ذهبياً، حيث يعود – حسب التقديرات الأولية – إلى الفترة الرومانية.
اللقى الأثرية المكتشفة: شواهد تاريخية وليس ذهباً
على عكس التوقعات الشعبية، لم يتم العثور على أي قطع ذهبية، لكن فريق الآثار تمكن من استخراج مجموعة مهمة من اللقى الأثرية التي تعكس الحياة في تلك الحقبة، وهي:
-
شاهدة قبر من الحجر البازلتي: عليها كتابة يونانية، وتمثل وثيقة تاريخية مهمة قد تكشف هوية صاحب القبر أو تفاصيل عن الفترة.
-
مجسم فخاري على شكل جمل: بارتفاع 10 سم تقريباً، وهو غير مكتمل، ويعكس براعة في الفنون والحرف اليدوية.
-
أواني فخارية متنوعة:
-
إبريق فخاري صغير بحالة جيدة.
-
جزء من جرة فخارية كبيرة (أنفورة).
-
جزء من سراج فخاري (مصباح).
-
-
جزء من سوار برونزي: وجد في حالة متأكسدة ومتآكلة بسبب مكوثه تحت الأرض لقرون.
التصريحات الرسمية: توضيح الحقائق وطمأنة الرأي العام
سارعت الجهات الرسمية إلى توضيح طبيعة الاكتشاف ونفي ما تم تداوله، حيث أكد مدير منطقة الصنمين في ريف درعا، وائل الزامل، في تصريح سابق أن:
-
ما تم تداوله حول وجود “ذهب” غير صحيح.
-
الأمر اقتصر على فتحة صغيرة أثناء الحفر، وطبيعتها كانت مجهولة في البداية.
كما أعلن الدفاع المدني السوري انتهاء أعمال الحفر في الموقع، بحضور وفد من مديرية الآثار، مؤكداً أن الحفرة تحوي بقايا قبور قديمة خالية تماماً من أي كنوز مادية.
الخلاصة: قيمة التاريخ تفوق بريق الذهب
هذا الاكتشاف يذكرنا بأن القيمة الحقيقية لا تكمن دائماً في المعادن النفيسة، بل في الشواهد الأثرية التي تحكي قصص الحضارات والإنسان.
اللقى التي عُثر عليها تمثل أرشيفاً حجرياً وفخارياً لا يقدر بثمن لفهم تاريخ المنطقة.
الحادثة أيضاً تبرز أهمية:
-
التعامل المهني السريع من قبل الجهات الأثرية.
-
دور الأمن في حماية المواقع الأثرية من العبث.
-
الحذر في تداول الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل التأكد من مصداقيتها.
في النهاية، أثمرت هذه الحادثة عن إضافة جديدة إلى سجل التراث الإنساني في سوريا، تثري فهمنا للحقبة الرومانية في المنطقة، وهي قيمة تتجاوز أي كنز مادي.





