تستعد الأرض لاستقبال عاصفة جيومغناطيسية قوية مصنفة ضمن الفئة G3، وهي من أقوى العواصف التي شهدها كوكبنا منذ عدة أشهر. جاءت هذه التوقعات بعد رصد توهج شمسي من الفئة M7.4 انطلق من بقعة شمسية نشطة تُعرف بالرقم AR4274، وفقاً للإعلان الرسمي الصادر عن مركز التنبؤ بالطقس الفضائي (SWPC) التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية (NOAA).
محتــويات المقــال
الجدول الزمني: متى تصل العاصفة وما مدى قوتها؟
من المتوقع أن تصل الموجة الرئيسية من الجسيمات الشمسية المشحونة إلى المجال المغناطيسي للأرض خلال 48 ساعة، وتحديداً ما بين مساء يوم الخميس وصباح يوم الجمعة.
هذه الجسيمات هي نتيجة سلسلة من الانبعاثات الكتلية الإكليلية (CMEs) التي قذفتها الشمس باتجاه الأرض خلال الفترة بين 3 و5 نوفمبر الجاري، وكان آخرها موجهاً بشكل مباشر نحو كوكبنا.
إضافة : تعتبر العاصفة من الفئة G3 “قوية” وفقاً لمقياس NOAA المكون من 5 مستويات (G1 إلى G5). يمكن لهذه العواصف إثارة المجال المغناطيسي للأرض بشكل كبير، مما يؤدي إلى تيارات كهربائية قوية في الغلاف الجوي يمكن أن تؤثر على البنية التحتية التكنولوجية.
تأثيرات متوقعة على التقنيات الحديثة وأنظمة الاتصالات
رغم أن العاصفة لا تشكل خطراً مباشراً على صحة الإنسان أو الطقس الأرضي، إلا أنها قد تسبب اضطرابات تقنية واسعة النطاق تشمل:
-
أنظمة الملاحة والاتصالات: توقعات بحدوث اضطرابات في أنظمة GPS والاتصالات اللاسلكية عالية التردد، خاصة في المناطق القطبية.
-
الأقمار الصناعية: احتمال زيادة السحب الجوي على الأقمار الصناعية في المدار المنخفض، مما قد يؤدي إلى انحراف طفيف في مساراتها وتدهور مؤقت في جورة الإشارات.
-
شبكات الطاقة: قد تتعرض شبكات الكهرباء عالية الجهد لتقلبات غير مستقرة، مع احتمالية حدوث انقطاعات محدودة في التيار الكهربائي في بعض المناطق، خاصة عند خطوط العرض العليا.
إضافة : دفعت هذه التحذيرات العديد من شركات الطيران العالمية إلى تعديل مسارات بعض رحلاتها القطبية لتجنب اضطرابات الاتصالات، كما رفعت شركات توليد الطاقة في أمريكا الشمالية وأوروبا مستوى التأهب لمراقبة شبكاتها الكهربائية.
عرض ضوئي سماوي: فرصة نادرة لرؤية الشفق القطبي
الجانب الإيجابي لهذه العاصفة هو توقع حدوث عروض شفق قطبي خلابة (Aurora Borealis) يمكن مشاهدتها في مناطق غير معتادة. من المتوقع أن يمتد نطاق رؤية الشفق القطبي إلى خطوط العرض المتوسطة،
مما قد يتيح فرصة نادرة لسكان مناطق مثل: شمال الولايات المتحدة (ولاية نيويورك)، أجزاء من أوروبا (بما في ذلك المملكة المتحدة وشمال ألمانيا)، وآسيا.
إضافة حصرية ونصيحة للمصورين: رغم أن ضوء القمر الساطع قد يحد من شدة الألوان، ينصح المصورون الفلكيون باستخدام كاميرات ذات عدسات واسعة الزاوية وحساسية ضوئية عالية (ISO) مع فتحة عدسة كبيرة (f/2.8 أو أوسع) لالتقاط أفضل الصور. التوقيت الأمثل للرصد هو بعد منتصف الليل وحتى ساعات الفجر الأولى.
السياق العلمي: لماذا تحدث هذه العواصف الآن؟
هذه الظاهرة تأتي في إطار الدورة الشمسية الخامسة والعشرين التي بدأت في ديسمبر 2019، وتقترب حالياً من ذروة نشاطها المتوقع في يوليو 2025.
خلال هذه الفترة، تزداد البقع الشمسية والانفجارات الشمسية بشكل ملحوظ، مما يفسر تزايد وتيرة العواصف الجيومغناطيسية هذا العام.
إضافة حصرية: تشير البيانات الصادرة عن مرصد ديناميكا الشمس التابع لـ NASA إلى أن البقعة الشمسية AR4278، التي تسببت في هذه العاصفة، هي من أكثر البقع تعقيداً مغناطيسياً التي تم رصدها هذا العام، مما يزيد من احتمالية استمرارها في إنتاج توهجات قوية في الأيام القادمة.
دراسات مقارنة: عواصف تاريخية وتأثيراتها
للتذكير، شهدت الأرض في مايو 2024 أقوى عاصفة جيومغناطيسية منذ أكثر من عقدين، عرفت باسم “عاصفة غانون”، حيث صنفت ضمن الفئة G5 (الشديدة). تسببت تلك العاصفة في:
-
رؤية الشفق القطبي في مناطق غير مسبوقة مثل جنوب كاليفورنيا وإسبانيا.
-
تعطل أنظمة GPS لعدة ساعات في بعض المناطق.
-
إعادة توجيه أكثر من 200 رحلة جوية تجنباً للمناطق المتأثرة.
المراقبة المستمرة والاستعدادات العالمية
يؤكد العلماء أن مراقبة الطقس الفضوي أصبحت ضرورة حيوية في عصر الاعتماد المتزايد على التقنيات الحساسة. يقوم مركز SWPC برصد النشاط الشمسي على مدار 24 ساعة، بينما تعمل وكالات الفضاء حول العالم على تطوير أنظمة إنذار مبكر أكثر تطوراً.
إضافة : تعمل وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) حالياً على تطوير مهمة “Vigil” المخطط إطلاقها في عام 2029، والتي ستراقب الشمس من نقطة ثابتة في الفضاء، مما سيمكن العلماء من التنبؤ بالعواصف الشمسية الموجهة نحو الأرض بدقة أكبر وبفترة إنذار أطول.
بينما تتجه الأنظار إلى السماء ترقباً لهذه الظاهرة الكونية، تبقى هذه العاصفة تذكيراً بقوة الطبيعة الكونية وترابطنا المعقد مع نجمنا الأقرب، الشمس، حيث يلتقي الجمال السماوي الآسر مع الدقة العلمية والتأثير التكنولوجي الدقيق.





